صفحات مشرقة من حياة السابقين
عرض وتلخيص/ نهله عبدالله:ان ماضي أمتنا المجيد والمشرق له دلالة واضحة في حياة اسلافنا السابقين ولا أدل على ذلك من أن الكثيرين يعلمون حقيقة المثل القائل: (الأمة التي لا ماضي لها لا حاضر لها) وهذه المقولة تحظى برصيد كبير من التأييد من قبل كثير من المفكرين والفلاسفة والمؤرخين ولا نشك في مدى صحة ذلك من خلال دراسة وقراءة هذا الكتاب الذي نعتبره إضافة جيدة إلى المكتبة العربية.يهدف هذا الكتاب إلى التعريف بماضي الأمة المجيدة، هذا الماضي الذي يحظى بتأييد من قبل كثير من المفكرين والفلاسفة والمؤرخين كما يولي الكتاب أهمية خاصة إلى الوقائع التي تثبتها الحقائق في شتى مراحل التاريخ العربي وقد كتب بأسلوب واضح جمعت وثائقه من مصادر مختلفة وكتب متنوعة تجسد لنا صورة من حياة أسلافنا السابقين.يحتوي الكتاب على عشرة أقسام، والقسم الأول منه عنوانه (مع الله) ويتحدث في هذا الجزء عن عدة مواضيع شيقة.أما القسم الثاني فيحمل عنوان الخوف من الله ونفهم من مضمونه معنى الخوف من الله وكيف تتدرج من هذا المعنى عدة مواضيع يتتبعها القارئ بنهم كبير.أما القسم الثالث من الكتاب فيتحدث عن الصلاة وقيام الليل، وفي القسم الرابع يتحدث المؤلف عن القرآن وكيف كان ختم السابقين له.اما القسم الخامس من الكتاب فيتحدث عن التوبة والمغفرة ويوضح كيف ان الصلاة ومجالس الذكر تغفر الذنوب، كما يتحدث في نفس الفصل عن فضل البكاء في المغفرة وظهور اثر الذنب في الوجه.أما القسم السادس فيتحدث عن الورع ومنه تتفتح مظاهر رائعة من صور ورع الخلفاء.والقسم السابع يتحدث عن التقوى وفي الفصل الثامن يتحدث الكتاب عن ذكاء العرب وآداب الصحبة والعلم في حياة أهل العلم، كما يتحدث عن فضل طالب العلم ونجد هنا أيضاً جانباً من فضل علم اللغة والنحو والحديث. ثم نصل في مشوارنا إلى قسم هام يتحدث عن الانفاق وفضل التنافس في عمل الخير والحرص على عمل الخير والمبادرة فيه.بعد ذلك نصل الى قسم ينعش الذاكرة بعنوان (الاخوة في الله) حيث يتحدث الكتاب عن حقوق الجار والجوار تحت عناوين فرعية: وصية الجار، والزواج واختيار الزوج الصالح والصهارة والنسب وبعد ذلك نصل إلى قسم من الكتاب يوضح لنا أهمية الاهتمام بالاولاد وحق الولد على أبيه وطرائف من تكريم الفتيات والبر بالأم، وهنا اختار لنا المؤلف مثالاً رائعاً يبين البر بالأم فقد كان (زين العابدين) كثير البر بأمه حتى قيل له: (انك ابر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة! فقال: اخاف ان تسبق يدي إلى ما سبقت اليها عينها فاكون قد عققتها).ثم نصل إلى قسم بعنوان الرعاة والرعية ويتحدث فيه المؤلف عن رحمة الراعي برعيته، كما يبين كيف كانت سياسة الحكام والقضاء والعدل والمساواة ويوضح الكاتب لنا جانباً من عجائب القضاء بين الخصوم وثم نقرأ في هذا القسم الذي يحمل عنوان (كيف يكون العفو والحلم) فيعلمنا كيف يكون العفو عند المقدرة وما هي الرحمة التي نقرأ فيها عجائب الرفق بالحيوان والرحمة بالحشرات ونواصل السير إلى ركن آخر يحمل عنوان النفس بين التواضع والتكبر وهنا نجد أمثلة عديدة في التواضع وتهذيب النفس والاخلاص بالعمل بل وفضل الاخلاص بالعمل والصدق وآداب اللسان في المجالس وحفظ الغائب مع أخذ الحذر من شر الغيبة والنميمة.ويؤكد الكتاب ان أهدافه لا تكون في القراءة فحسب وانما في التدقيق وفهم ترابط موضوعاته ومن ثم الانتقال الى التفاصيل وبذلك تتكون تصوراً واضح لدى القارئ عن أدبيات حياة اسلافنا السابقين التي نأمل تحقيقها في رسم أهداف حياتنا وحسن تصرفاتنا.كما يوضح الكاتب للقارئ الأسلوب المنهجي في توظيف المعلومة للأخذ بالحكمة من مصادرها في شكل وطريقة كيفية التعلم من تواضع وزهد الأولين من صحابة وعلماء ومفكرين، كما يرشد القارئ إلى إمكانية تفسير عاداته غير المرغوبة التي تؤدي إلى إساءة استغلال الوقت والظروف والناس ويحدد عدد من الخطوات العملية في سبيل ذلك كما يشدد على قدرة الذات في تصحيح الآراء المغلوطة من خلال تفنيذ مجموعة من النصائح العملية التي يمكن الاستفادة منها كدروس تاريخية في تطوير أساليب وثقافة الإنسان بالصورة الأمثل.الكتاب من تأليف المفكر نذير محمد مكتبي وجدير بالقراءة حقاً.