مؤكداً أن المؤرخين لم يظلموا الملك فاروق
القاهرة/ متابعات :اتخذ الكاتب المصري أسامة أنور عكاشة موقفاً مضاداً من الأصوات التي طالبت المؤرخين المصريين مؤخراً بإعادة صياغة سيرة الملك فاروق، مؤكداً أن ثورة يوليو إنما أطاحت بآخر ملوك مصر لفساد نظامه وتسلطه وتجبره في الحكم.ورغم اعترافه باحتمال تأثر المؤرخين بوجهات نظرٍ معينة، أكد عكاشة في حديث نشره موقع ( العربية.نت) أن تاريخ الملك المخلوع لم يتعرض للتشويه كما يثير البعض، بل “كان فاروق ملكاً فاسداً متسلطاً إلى حدٍ أجبر الناس على مؤازرة الثورة التي قادها الضباط الأحرار”، والتي أطاحت بالحكم الملكي عام 1952.واستنكر المؤلف المصري وصف ثورة 23 يوليو بالانقلاب العسكري، “إذ لم يبق أمام الثوار خيارٌ حينها سوى اللجوء للقوة العسكرية لتحقيق مطالبهم، بعد صراعٍ غير مجدٍ خاضه أعضاء حزب الوفد مع سرايا والده الملك فؤاد”، مؤكداً أن كافة ثورات العالم لا بد أن تصطدم مع الشرعية في إحدى مراحلها، “بما في ذلك الثورة الفرنسية التي أعقبها عصرٌ من الإرهاب والديكتاتورية لحين استقرار الأمور لاحقاً”.في الوقت نفسه، عارض عكاشة فكرة المقارنة بين النظامين الملكي والجمهوري اللذان تعاقبا على حكم مصر منذ بداية القرن المنصرم، مؤكداً أن المفاضلة بينهما كنظامين سياسيين مختلفين باطلة، كونهما لم يُطبقا بالصورة الصحيحة.ويرى المؤلف المصري أن النظام الملكي الذي سيّر به أحفاد محمد علي باشا شؤون مصر “نظامٌ كريه بعيدٌ عن الديموقراطية كل البعد”، استبد فيه الملك بالحكم وصادر حقوق الأغلبية، في الوقت الذي طالب فيه الشعب بـ “حكمٍ ملكي يجعل من الملك رمزاً للدولة، ويمنعه من التدخل في شؤون الحكم الذي تسيره الأغلبية بدورها”.على الجانب الآخر يرى عكاشة أن النظام الجمهوري الحالي الذي وصف بـ”الاستبدادي”، سلم بدوره مقاليد السلطتين التشريعية والتنفيذية لرئيس الجمهورية، مانحاً إياه سلطات الحكم المطلقة، في الوقت الذي “كان من المفترض أن يكون نظاماً برلمانياً يشغل الرئيس فيه منصباً بروتوكولياً، تكمن مهمته في التوقيع على قرارات مجلس الوزراء”.واستبعد عكاشة نجاح نظام الحكم الملكي في السيطرة على مصر حال قدر له الاستمرار في سدة الحكم، كونه “قائمٌ على الملكية الفردية الفاسدة المليئة بالسلبيات، وليس على المَلَكِيَّة المتبعة حاليا في عدد من دول العالم مثل بريطانيا”.ورغم انتقاده لـ “سلطوية” النظام الملكي البائد، اعترف أسامة أنور عكاشة بازدهار الاقتصاد في عصره، والذي شهدت فيه مصر “حركة اقتصاديةً حرةً منفتحةً على العالم، ساهم خلالها الكثير من رجال الأعمال في حركة البناء والتطور”.في المقابل، يرى الكاتب أن بلاده تمر بحالة “ارتباك اقتصادي” منذ اندلاع الثورة البيضاء، نتيجة لاتباع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لسياسة “الاقتصاد المخطط”، وتحول خلفه أنور السادات لـ “الليبرالية” الاقتصادية، وفق “قرارات فرديةٍ غير مدروسة” تسببت في افتقاد مصر لنظام مدروس ورجال اقتصادٍ واعين، “فاتحة الطريق أمام عددٍ من السماسرة والوكلاء التجاريين”، الذين تسببوا بحالةٍ من الفوضى الاقتصادية والفساد التجاري، نتيجةً لغياب الليبرالية السياسية التي من المفترض أن تدعم النظام الاقتصادي الحر.واختتم عكاشة حديثه بانتقاد نظامي الحكم اللذين مرّا على مصر، واصفاً النظام الحالي بالـ “هجين البعيد عن الملكية والجمهورية والديموقراطية”، ومؤكداً على حاجة البلاد “لنظامٍ ديموقراطيٍ كامل الأركان، مبنيٍ على دستورٍ واضحٍ يقوم على حرية الشعب في اختيار حكومته ووزرائه”.
لقطة من مسلسل ( الملك فاروق)