مفكرة سكانية
د. فهد محمود الصبري حددت أهداف الألفية الخاصة باليمن والمرتبطة بصحة الأم والذي تتمثل بخفض وفيات الأمهات إلى 99 حالة وفاة لكل مائة الف ولادة حية بحلول عام 2015م إذ تمثل ألان (حسب تقرير صحة الأسر لعام 2003م) حوالي 366 حالة وفاة لكل مائة الف ولادة حية هدف هام وتحد جاد أمام كل القطاعات الصحية والتخطيطية وراسمي السياسات السكانية.تحقيق هذا الهدف يعني العمل الجاد والموجه نحو تحسين صحة الأمهات وتوفير الوسائل والسبل والتي تحقق ذلك وهناك عوامل عديدة تؤثر في صحة وسلامة الأمهات وتجعل من الوفيات والمراضه بنسبةعالية في اليمن، وهي ليست فقط عوامل ومؤثرات صحية بل عوامل اجتماعية واقتصادية تتمثل أولاً في ارتفاع نسبة الفقر وارتفاع نسبة الأمية وخاصة بين النساء مع تدني في البنية التحتية الأساسية للسكان والمتمثلة خاصة في خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والمواصلات المناسبة، وارتبط كل هذه الأوضاع مع ارتفاع معدلات الخصوبة ضعف مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع في ألإطار الصحي سنجد أن خدمات الأمومة مازالت محدودة كما ونوعاً وخاصة في الريف وللفقراء وحتى المتوفر منها فإن الاستخدام منخفض نتيجة لضعف النوعية والجهل بأهميتها وباستعراض وضع وفيات الأمهات وعلاقتها بالعوامل المختلفة أوضح مسح صحة الأسرة لعام 2003م أن 89.3 % من وفيات الأمومة تحدث بين الأميات وأن 43 % من أزواج المتوفيات أميين وهو ما يبين أثر الأمية وأهمية التعليم في تحسن الحياة العامة وخاصة في الصحة ومنها صحة الأمهات كما توضح نتائج المسح المذكور أنفا أن 74.2 % من المتوفيات تزوجن في سن قبل العشرين عاما والنسبة العالية من المتوفيات كن في الأعمار 25 سنة فأكثر حيث ارتبط أيضا بارتفاع عدد المواليد فبلغ متوسط عدد مواليد المتوفيات 4.3 مولود وباستعراض ظروف هذه الوفيات بين المسح أن 25.7 % كانت مرتبطة بإجهاض (سقط) 21.2 % ارتبطت بمواليد موتي، وكانت 84.3 % من الوفيات تمت لولادات في المنزل و 10.8 % في مركز ومستشفى عام 4.7 % في مراكز خدمات صحية خاصة ومن استخدمن تنظيم الأسرة من المتوفيات تراوح بين 5-7 % أما من حيث الخدمات الصحية وارتباطها بهذه الوفيات سنجد أن المسح قد بين أن 31.9 % فقط (58.3 % في الحضر و 29.9 % في الريف) ممن عانين من مشاكل صحية أثناء الحمل قد حصلن على رعاية وشكل بعد المكان وعدم توفر الخدمة وارتفاع تكلفتها ما يتعدى 65 % من المتوفيات اللاتي لم يحصلن على رعاية أثناء الحمل. وقد كانت هذه الوفيات نتيجة لأسباب مباشرة وأسباب غير مباشرة حيث تبين أن الأسباب المباشرة لهذه الوفيات تمثلت في أن 45.3 % كانت بسبب حدوث نزيف 40.4 % حمى، والبقية غيبوبة وتشنجات ولكن أيضا توضح أن 57 % عانين مشاكل صحية قبل الوفاة تمثلت في 30 % ملاريا و 13% من ارتفاع ضغط الدم و 6 % من السل مع 15% من حالات كبد والنسبة الباقية للأعراض ضيق نفس وأمراض قلب، وإذا كانت هذه الحالات والأوضاع مرتبطة بحدوث الوفيات وأسبابها وعواملها فإنها انعكاس للرعاية الصحية التي تتلقاها الأم أثناء الحمل بكل المستويات خاصة مع تدني الأوضاع الحياتية لغالبية الأمهات وبدرجة رئيسية في الريف الذي يشكل 74% من السكان فقد بينت نتائج مسح صحة الأسرة أن من حصلن على رعاية أثناء الحمل لمرة واحدة من شخص مؤهل وصل إلى 44% من الحوامل وبمتوسط 3.2 مرة للحامل (4.3 في الريف، 3.2 في الحضر) أما من لم يستخدمن هذه الخدمة فقد مثل عدم الوعي بأهميتها كرعاية وقائية وليست فقط في حالة حدوث أمراض حيث أوضحت 47% أنهن لم يشعرن بالضرورة بينما توزعت النسبة الباقية بين عدم توفر الخدمة وبعدها وتكلفتها العالية. تبين أن 52.5% قد عانين من عرض مرضى أثناء فترة الحمل توزعن بين النزيف والحمى والصداع وتورم الجسم . كما أنه يمكن الاستنتاج أن معدل فقدان الحمل يصل إلى 3% سنويا حيث حدثت 60% منه في الثلث الأول من الحمل وقد أوضحت 69% ممن فقدن حمولهن أنهن عانين من مشاكل وآثار صحية تراوحت 46% للنزيف المهبلي الحاد و 37% للألم أعلى البطن والبقية لأعراض أخرى مع أن بعض الحالات عانت من أكثر من عرض وعلى الرغم من ذلك فإن حوالي 31% منهن ذهبن لتلقي رعاية صحية. وبينت 68% أن السبب مرتبط بالكلفة وبعد الخدمة أو عدم توفرها وهي عوامل تحد من الحصول على الخدمة أما في مجال رعاية الولادة فقد كانت أقل بكثير فقد تمت 25% فقط من الولادات تحت إشراف صحي ماهر شكلت الولادات الطبيعية 87% من الولادات بينما تبينت إن 9% من الولادات كانت قيصرية. وأوضحت البيانات أن 40% من الأمهات قد عانين من عرض أو أخر من الصعوبات الصحية تمثلت في 25% في طول مدة الطلق والذي تعدى 18 ساعة ونفس النسبة عانين من ارتفاع في درجة الحرارة و 14% من نزيف مهبلي مع 9% تشنجات.ونلاحظ أن الرعاية تتضاءل بعد الولادة رغم أهميتها حيث حصلت فقط 13% على رعاية ورغم أن 44% عانين من عرض مرضى ما تراوح بين النزيف الحاد (13%) والبقية كان حدوث ألم في مواضع مختلفة مع حمى أن 57% أرجعن السبب في عدم الحصول على الرعاية بعد الحمل يعود لعدم شعورهن بالحاجة وإن 30% كانت متعلقة بعدم توفر الخدمة بسبب التكلفة العامل الآخر المرتبط بارتفاع مراضة ووفيات الأمهات بتمثل في السلوك الإنجابي المتسم بدرجة عالية من الخطورة حيث سنجد من المسح المذكور أن الخصوبة الكلية وصلت إلى 6.2% مولود حي لكل امرأة ومن الواضح أن نصف النساء المتزوجات في العمر أقل من عشرين عاماً قد أنجبن مولوداً أو أكثر وثلث النساء في الأعمار 29-25 سنة قد أنجبن خمسة أطفال فأكثر كما أن 25% من النساء قد كان التباعد بين حمل وأخر لديهن أقل من 18 شهراً مع 16 % كانت بين 18 شهر وأقل من سنتين وتوضح البيانات من المسح المذكور أن الحمل غير المرغوب عالية بحيث أوضحت 22% من الحوامل أن حملهن الحالي لم يكن مرغوباً به إطلاقاً حيث أوضحن أنهن كن قد أكتفين من الأولاد كما بينت 35% منهن عدم رغبتهن في حدوث الحمل في هذا التوقيت وكن يفضلن تأجيله. وبشكل عام فإن 38% من النساء في سن الإنجاب عبرن عن رغبتهن في عدم المزيد من الإنجاب إطلاقاً.ورغم هذا الطلب العالي والرغبة في استعمال وسائل تنظيم الأسرة فإن حوالي 23% فقط يستخدمن وسيلة ما لمنع الحمل منها 13.4% وسائل حديثة والباقي هي وسائل طبيعية الجزء الرئيسي منه هو للرضاعة الطبيعية والتي هي محدودة الفاعلية وقصيرة التأثير.وهذه العوامل لها أثرها ودرها في تحقيق أهداف الألفية وكذلك في رفاهية الأم والطفل والأسرة بشكل عام وتعكس مدى أهمية العمل على تسهيل حصول الأمهات على التوعية والخدمات المناسبة في كل المناطق والمواقع مع التركيز على تلك الأقل حظاً.