قضية للنقاش
يبرر عدد كبير من الرجال معارضتهم لعمل المرأة خارج المنزل بأن العمل يفقد المرأة أنوثتها ويجعلها تشبه إلى حد بعيد الرجل! فهل الخوف مبرر فعلاً؟أن الواقع يرفضه تماماً وإن استرجال بعض النساء قائم منذ زمن بعيد وبين صفوف النساء اللواتي لا يعملن خارج المنزل.. أما أن تفقد المرأة أنوثتها لكونها تعمل أو تمارس مهنة ما فهذا أمر غريب وغير واقعي إطلاقاً.إن خروج المرأة إلى ميدان العمل يدفعها إلى أن تعتني بنفسها وبمظهرها أكثر بكثير من المرأة التي تلازم بيتها طوال النهار ذلك أن الأخيرة لا تجد حافزاً كافياً يدفعها إلى التخلي عن كسلها ورتابة حياتها تذوق كل طبق يحلو لها فيزداد وزنها وتفقد رشاقتها وعدم التجدد يسبغ على ملامحها الإهمال ويدفعها ربما إلى شيخوخة قبل الأوان.والمرأة التي تضطر إلى الخروج من المنزل يومياً أو على الأقل معظم أيام الأسبوع للتوجه إلى عملها تجد نفسها أمام تحدي الآخرين وتعليقاتهم وآرائهم حولها سواء من حيث مظهرها الخارجي أو من حيث تصرفاتها وشخصيتها وهذا ما يدفعها إلى أن تولي أنوثتها عناية خاصة.فتعتني بوجهها وشعرها وأناقة ثيابها ويفرض عليها التجدد الدائم ومجاراة كل جديد يطرأ على صعيد الموضة..وما ينطبق على مظهرها الخارجي ينطبق أيضاً على شخصيتها.. أن مواجهتها الدائمة لأناس آخرين وهم زملاؤها أو أناس غرباء تضعها ظروف العمل وجهاً لوجه معهم فيضطرها إلى أن تخرج الكثير من الكلمات التي تنطق بها ويضطرها أيضاً التحلي بالصبر والهدوء والتهذيب وإلى اكتساب المعرفة الضرورية لنجاحها في عملها وفي علاقاتها الاجتماعية.. أن العمل وخروج المرأة من دائرتها المنزلية الصغيرة لهو حافز لها لأن تعرف نفسها أكثر ولأن تكتشف ذاتها أكثر ولأن تعرف الحياة حولها وتعاني معها..وتطلع على مشكلاتها التي تصيبها هي فتلتزم نفسها بمراجعة ذاتية دائمة لاستئصال ما تجده غير ملائم في شخصيتها سواء بوجهها الخارجي أو صفاتها المعنوية وهكذا تقترب من ذاتها أكثر أي من "أنوثتها".. أما إذا كان مفهوم الأنوثة عند هؤلاء الرجال يعني تبعية مطلقة للرجل وضعف شخصية وتفكيراً محدوداً وجهلاً بما يجري في الحياة.. فهذا النوع من الأنوثة ستفقده المرأة حتماً إذا خرجت إلى العمل ومن الضروري جداً أن تفقده.. * داليا عدنان الصادق