رأي
** ليس من العيب أبداً أن يكون المجتمع أو الإنسان متخلفاً، لأن هذا التخلف غالباً ما يكون سببه ظروف معينة من ركود أو مفاهيم ثقافية كهنوتية موروثة أو غير ذلك. ولكن من العار أن لا يعي الإنسان تخلفه ليعمل جاهداً على التخلص منه.** وعليه، فإننا نستعرض - هنا - بعض علامات التخلف في مجتمعنا اليمني والتي تصمنا بالتخلف، وتجعلنا غير مبالين بحب النظام وسيادة القانون والالتزام بكل أحكام القوانين النافذة التي تنظم شئون حياتنا في مختلف المجالات، ولكن لزم التنويه إلى أن ليست كل الأمور مطلقة بل هي نسبية، ويختلف سلوك شخص عن آخر في تعامله مع هذا القانون أو ذاك وترجمته سلوكياً كجزء من احترامه للقوانين.** ولعل أبرز علامات التخلف التي نحس بها في مجتمعنا تكمن في الآتي :-1- التهريب الضريبي :يتناسى بعض الناس أن كثيراً من الخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين تعتمد في الأساس على الموارد المالية العامة التي تحصل عليها الدولة من الضرائب المتنوعة سواء تلك المفروضة على المنتجات المبيعة أو السلع المستوردة أو العقارات أو غيرها، ولكن البعض يحاولون بشتى السبل الملتوية التخلص من ضريبة "المواطنة" التي تؤكد إخلاصهم للوطن والمساهمة في دعم الخدمات التي تعود بالفائدة على جموع المواطنين في كل محافظات الجمهورية.وتجدر الإشارة إلى أنه في المجتمعات المتقدمة تعد جريمة تدمر سمعة من تلحق به، أما في المجتمعات المتخلفة فهي نوع من الفهلوة والشطارة، حيث تسود الرغبة في كسر القانون والخروج على أحكامه. والناس في المجتمعات المتخلفة لا تصدق أن قاعدة قانونية أياً كانت قيمتها تستعصي على المخالفة.2- مخالفة القانون :-ومن أمارات التخلف - أيضاً - أن تجد الناس في سلوكهم يكرهون القانون ولا يحبون الالتزام بأحكامه، وينتهزون كل فرصة لمخالفة القواعد القانونية باعتبار ذلك نوعاً من الوجاهة ودلالة على السلطة والسلطان. فالمجتمعات المتخلفة لا تؤمن بالقانون ولا تثق فيه وتنفر منه. ولعل أبسط القواعد القانونية وأكثرها دلالة على ما نحن بصدده هي قواعد وقوانين المرور.لكن الناس في المجتمعات المتقدمة يرون احترام القانون جزءاً من نسيج حياتهم، أما الناس في المجتمعات المتخلفة يرون في مخالفة القانون تأكيداً لذواتهم، إلى هذا المدى يظهر الفارق بين سلوكيات مجتمع ومجتمع آخر.3- تثمين الوقت :-لا ندري لماذا لا نعطي قيمة للوقت، فأنت ترى بعض الناس يسعون إلى قضاء حوائجهم على عجل بغير موعد ولا اتصال، فإذا أبديت تردداً في استقبالهم أو حاولت أن تنبههم أنه كان عليهم أن يطلبوا موعداً، غضبوا واعتبروا ذلك إهانة لهم. وقد يقول لك أحدهم سأمر عليك الأسبوع القادم إن شاء الله. قارن هذا بقول الآخر سأمر عليك بعد غد الساعة السادسة والنصف مساء (مثلاً). هذه هي قيمة الوقت وهي أحد المعايير الواضحة التي تفرق بين هؤلاء وهؤلاء.4- النفور من الفعل :-ومن الأمور التي لا تخطئها عين فاحصة غرام المتخلفين بالكلمات الرنانة والشعارات والقسم بالأيمان المغلظة فيما لا مبرر له، كل ذلك مع نفورهم من (الفعل) واكتفائهم باللافتات والشعارات. يتشدقون بالكرامة وعندما يتصرفون، يتصرفون على عكس ذلك تماماً. يقولون أن العمل شرف وهم لا ينفرون من شيء قدر نفورهم من العمل. إنهم يريدون أن يتكلموا فقط، ويريدون أن يعمل لهم غيرهم ما يريدون عمله، وما يحتاجون إليه، ثم بعد ذلك يفاخرون العاملين.** وبعد.. إن شيئاً لا يحدث من تلقاء نفسه، وأن عصر المعجزات قد انتهى، وإن التخلف له أسبابه، والتقدم له أسبابه، ولن يتحقق شيء دون أن تتحقق أسبابه، وقديماً قال العرب " بضدها تتمايز الأشياء".وفقنا الله إلى أسباب التقدم * سلال السيد محمد