قضية للنقاش
[c1]* التدريب والتاهيل الإذاعي والتلفزيوني الواقع والافاق[/c]لاتزال محفورة في ذاكرتي ووجداني تفاصيل ومفردات ذلك اللقاء التاريخي الذي جمع حشداً من الزملاء المبدعين رسل الكلمة الشريفة الصادقة وحملة مشاعل التنوير الفكري في منتصف شهر نوفمبر عام 1994م في قاعة المسرح الوطني بمدينة التواهي ـ محافظة عدن ـ حينما التقوا بالقائد الرمز فخامة رئيس الجمهورية الأخ / علي عبدالله صالح وقد تميز ذلك اللقاء باجواء مفعمة بالشفافية والصراحة والوضوح لتحديد منطلقات العمل الإعلامي والثقافي القائم على أسس ودعامات الثوابت الوطنية والقيم الإسلامية والامجاد الحضارية والتاريخية لشعبنا اليمني العظيم ، ووضع استراتيجية وخارطة اتجاهات السياسة الإعلامية .. وجملة المهام والواجبات الماثلة أمام العاملين في قطاعي الإعلام والثقافة بهدف تعزيز وتفعيل ادوارهم في تعميق وتقوية الروابط الوطنية وغرس قيم الحب والخير وتنمية وعي وفكر وروح الإنسان اليمني داخل الوطن وخارجه .. انطلاقاً من ثقة الدولة بقدراتهم المهنية الخلاقة وعطاءاتهم الابداعية الفاعلة والمؤثرة .وفي ذلك اللقاء التاريخي الهام أكد فخامة الأخ رئيس الجمهورية على ضرورة وحتمية تحرير الخطاب الإعلامي والثقافي من عقدة الخوف وقيود الرهبة وعلى نحو مماثل إزالة رواسب ومخلفات عهود التشطير والعمل على تحفيز الناس وتخليصهم من عقدة الخوف الرهيبة التي سيطرت على قلوبهم وعقولهم ردحاً طويلاً من الزمن ، والعمل على ترسيخ مبدأ حرية الرأي واحترام الرأي الآخر ليغدو نهجاً وسلوكاً وممارسة واقعية في الحياة اليومية .وكما هو معهود في كل لقاءآته مع مختلف قطاعات الشعب فقد حرص فخامة الاخ رئيس الجمهورية اثناء اللقاء على الاصغاء لمجمل الهموم والصعوبات التي تواجه العاملين في مختلف وسائل الاتصال الجماهيرية واتخاذ التدابير والمعالجات الضرورية واللازمة لتجاوزها .وقد تسنى لي حينها الحديث بكل صراحة حول ثلاث قضايا حيوية وهامة :1 ) إيلاء أهمية بالغة عند ترشيح وتعيين قيادات المؤسسات الإعلامية والثقافية ومراعاة مبدأ وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب ، واعتماد معايير الكفاءة العلمية والمهنية الرفيعة لضمان تحقيق ـ ولو الحد الأدنى ـ من اغراض وأهداف السياسة العامة للدولة .2 ) العناية المتعاظمة بالتربية السياسية والثقافية لقيادات المؤسسات الإعلامية ووضع الخطط والبرامج اللازمة للتدريب والتأهيل المهني الشامل للزملاء العاملين في حقل الإعلام بفروعه ( صحافة ، اذاعة ، تلفزيون ) داخلياً وخارجياً ، والحرص على استيفاء شروط واحتياجات التأهيل المطلوب .3 ) الاهتمام بمراعاة الظروف الحياتية المعيشية والصحية والمهنية التي تواجههم وتؤثر سلباً على عطاءاتهم الابداعية .وبعد نحو اسبوع وفي نفس شهر نوفمبر 1994م تجدد لقاء آخر مع الاخت والزميلة الإعلامية القديرة الاستاذة أمة العليم السوسوة ـ وكيل وزارة الإعلام ـ حينذاك ـ اثناء زيارتها لاستديوهات تلفزيون عدن واجريت معها حواراً تلفزيونياً شاملاً تم بثه عبر القناتين الاولى والثانية ويعود الفضل في ترتيب ذلك اللقاء لفقيدنا الغالي ـ المغفور له بإذن الله تعالى الاستاذ علوي السقاف ، وقد احتلت قضية التدريب والتأهيل للكوادر الوطنية الإعلامية مساحة زمنية كبيرة من النقاش والعرض والتحليل لاشكاليات العمل الإعلامي وآفاقه المستقبلية الطموحة .ان الأهمية الخاصة التي تكتسبها برامج التدريب والتأهيل التلفزيوني الداخلي والخارجي تعكس اهتمام قيادة وزارة الإعلام والمؤسسة العامة اليمنية للاذاعة والتلفزيون لمواكبة التطورات العلمية والتقنية المذهلة في عصر ثورة الاتصالات والمعلوماتية ، ولرفع مستوى الاداء المهني للقدرات والكفاءات الابداعية في مختلف التخصصات التلفزيونية ، انطلاقاً من الفهم الواعي والادراك العميق أن الكادر التلفزيوني المؤهل تأهيلاً علمياً رفيعاً هو العصب الرئيسي وصمام النجاح للرسالة الوطنية الإعلامية للتلفزيون وتتوقف على مدى كفاءته وخبرته المهنية الارتقاء بمستوى ومضمون الخطاب الإعلامي والتنفيذ الخلاق والمبدع للسياسة الإعلامية للدولة ، والتشغيل الناجح للقاعدة التقنية والهندسية الحديثة والمتطورة وضمان صيانتها والحفاظ عليها .وتتعدد مجالات التدريب والتأهيل في معاهد ومراكز تدريبية تخصصية وفي محطات واستديوهات الاذاعة والتلفزة العربية والاجنبية .ويعتبر المركز العربي للتدريب الاذاعي والتلفزيوني بدمشق التابع لاتحاد الاذاعات العربية ـ جامعة الدول العربية ـ أهم مؤسسة تأهيلية تعني بتنمية وتطوير المهارات والقدرات الابداعية للإعلاميين العرب ويطلق عليه (حاضنة العرب ) وملتقى الإعلاميين العرب بمختلف اهتماماتهم المهنية ( البرامجية ، الاخبارية ، الهندسية ) مروراً بالدورات التأهيلية التي تنعقد دورياً في بعض محطات التلفزة العربية بموجب ( بروتوكولات) واتفاقيات التعاون العلمي والثقافي والإعلامي بين بلادنا والبلدان الشقيقة ، وعلى الصعيد الداخلي يعتبر معهد التدريب والتأهيل الإعلامي التابع لوزارة الإعلام واحداً من أهم تأهيل الكوادر الإعلامية وتطويرها علمياً ومهنياً .ان اهتمام وعناية قيادة وزارة الإعلام والمؤسسة العامة اليمنية للاذاعة والتلفزيون وبالتنسيق المتواصل مع قيادة وزارة التعليم العالي ومع قيادتي جامعتي صنعاء وعدن يشهد توسعاً وتنوعاً ليشمل :1 ) توفير فرص مواصلة التعليم الجامعي في كلية الإعلام ـ جامعة صنعاء ـ وقسم الإعلام ـ كلية الآداب ـ جامعة عدن ـ وكليات الهندسة والاتصالات ومراكز ومعاهد تعلم ودراسة الحاسوب واللغات الحية .2 ) تقديم التسهيلات والدعم اللازم للزملاء الراغبين في مواصلة دراساتهم وتخصصاتهم العلمية والاكاديمية العليا في جامعات الدول الشقيقة والصديقة .3 ) دعوة واستضافة الاساتذة من كبار الإعلاميين المختصين في مجالات العمل الاذاعي والتلفزيوني لتنظيم دورات تأهيلية في معهد التدريب الإعلامي في صنعاء وعدن بمشاركة وحضور فاعل من الزملاء المتدربين في التلفزيون بقناتيه والاذاعة ( البرنامج العام والثاني ) والاذاعات المحلية في المحافظات .ان كل اشكال الاهتمام والرعاية التي توليها قيادة وزارة الإعلام والمؤسسة العامة اليمنية للاذاعة والتلفزيون ممثلة في الادارة العامة للتدريب والتأهيل وحجم الانفاق المالي وماترصده وتعتمده من الموازنات الضخمة لضمان نجاح برامج التدريب وتحقيق اغراضها المرجوة لخدمة تطوير مستوى الاداء المهني والابداعي للعاملين تقتضي وضع آلية عمل ملزمة لقيادات القطاعات وفروع المؤسسة في المحافظات ومتابعة دقيقة للوقوف على مدى الالتزام الصارم ببنود الآلية وتفاصيلها وان تتحمل المسؤولية وتعمل بشكل متناغم ومنسجم وتحرص عند اعداد البرامج التطويرية والتنموية الفصلية والسنوية على ان تشتمل جداول احصائية دقيقة تبين حجم الطاقات البشرية العاملة ومستوياتها التعليمية وخبراتها المهنية وتحدد بكل امانة وصدق احتياجاتها الفعلية المطلوبة من فرص التدريب والتأهيل وتجنب معايير المحسوبيات الشخصية والمحاباة والمجاملة عند الترشيح للمتدربين ومراعاة الشروط والمواصفات المطلوب توافرها في المرشحين وأهمها العمر ونوع الوظيفة التي يشغلها المتدرب المرشح لحضور الدورة التأهيلية ومستواه التعليمي .وازالة الفكرة القاصرة لدى بعض رؤساء قطاعات التلفزيون التي لاتبدي ادنى اهتمام ببرامج التدريب والتأهيل وخاصة الخارجية وتعتبرها مجرد فرص للترفيه والسياحة مع الحصول على قيمة بدل السفر (آلاف الدولارات لمدة اسبوع أو عشرة أيام !!؟).ان الالتزام الصارم بالشروط والمواصفات التي ينبغي توافرها في المتدربين المرشحين للمشاركة في الدورات التأهيلية ـ الخارجية ـ وكما تحددها المعاهد ومراكز التدريب المنظمة لتلك الدورات في استمارات الترشيح والبيانات التي تحتويها وأهمها : (مجال الدورة التدريبية ) ( اسم المرشح / المرشحة / تاريخ الميلاد / تاريخ الالتحاق بالوظيفة الإعلامية / نوع الوظيفة ) والمطالبة المتكررة بترشيح الشباب من ذوي الخبرة الإعلامية لتمكينهم من تحقيق الاستيعاب الجيد والاستفادة المثلى من غزارة المعلومات والمعارف التقنية والفنية الحديثة ذات الارتباط بمجال التخصص الابداعي التلفزيوني والاذاعي للمتدرب ومجال الدورة التأهيلية التي يحضرها .ان الرغبة الجامحة التي تراود كافة الزملاء في التلفزيون بقناتيه وتطلعاتهم الدائمة لزيادة وتنويع فرص التدريب والتأهيل تؤكد حرصهم على تطوير وتنمية قدراتهم المهنية والابداعية وتوسيع دائرة علاقاتهم مع زملائهم في المهنة الإعلامية الواحدة ـ في البلدان العربية ـ وهي ذاتها الاهداف الجليلة التي حققها ومايزال المركز العربي للتدريب الاذاعي والتلفزيوني ـ بدمشق ـ منذ تأسيسه قبل نحو ربع قرن من الزمن ، وجاء تأسيس وافتتاح مركز قناة الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير في دولة قطر الشقيقة ليشكل رافداً جديداً وهاما من روافد دعم وترسيخ الأهمية الخاصة لقضية التدريب والتأهيل للإعلاميين العرب عامة والعاملين في مجال التلفزيون خاصة كشرط اساسي وحتمي تفرضه مقتضيات عصرية لايمكن اغفالها او تجاهلها للارتقاء بمستوى ومضمون الخطاب الإعلامي العربي يؤهله امتلاك المقدرة العلمية والمعرفية القوية لمواجهة الهجمة الثقافية والاعلامية الشرسة التي تتعرض لها امتنا العربية والإسلامية .ورغم حداثة تأسيسه فقد استطاع مركز قناة الجزيرة كسب اهتمام ومتابعة العاملين في حقل الإعلام المرئي لما يقدمه من خدمات متميزة واستخدامه أحدث برامج التأهيل التي يضعها في متناول جميع المتدربين العرب .وفي ظل تنامي وتطور وشائج الاخوة والتعاون الحميم والصادق عبر حقب زمنية تاريخية بين بلادنا ودولة قطر الشقيقة التي قدمت لبلادنا مساعدات كبيرة ونزيهة لعل ابرزها في قطاع الإعلام مساهمتها في انشاء معهد التدريب والتأهيل الإعلامي في صنعاء والذي اطلق عليه اسم ( معهد خليفة ) تقديراً وعرفاناً وتخليداً للرمز الوطني لدولة قطر الشقيقة سمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني .واليوم يسهم مركز قناة الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير في تعميق جسور المودة والمحبة والاخوة بين البلدين الشقيقين اليمن وقطر من خلال تنفيذه لبرامجه التدريبية وما يوليه من اهتمام ملحوظ بتلفزيون بلادنا وتقديمه دعماً ملموساً تمثل في زيادة فرص التدريب والتأهيل التي وصلت في الفصل الأول من عامنا الحالي 2006م نحو 52 منحة تأهيلية توزعت لجميع العاملين في التلفزيون بقناتيه وشملت كافة مجالات العمل الابداعي والفني ( تصوير / كمبيوتر / تحرير اخبار / اعداد وتقديم برامج / مونتاج اليكتروني / رقمي) .ولم يقتصر اهتمام مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير ، بتوفير فرص التأهيل والتدريب في مقره الرئيسي في العاصمة القطرية الدوحة بل حرص على تنظيم دورة تدريبية تخصصية في استديوهات القناة الفضائية اليمنية في مجال تصوير البرامج الجماهيرية وطرق استخدام الاضاءة التلفزيونية في الفترة من 4 ـ 30 مارس 2006م وايفاد الاستاذ الخبير العربي ذو الفقار فهمي لتدريب الزملاء الفنيين المختصين من العاملين في القناتين الفضائية والثانية تلقوا في الدورة محاضرات تضمنت جملة من المعلومات والارشادات حول اساسيات فنون التصوير واستخدامات الاضاءة وتزويدهم بالمعارف اللازمة عن كيفية التفكير والتغيير المرئي على نقل الواقع المحيط به من خلال عدسة الكاميرا التلفزيونية والالمام بقواعد وأهمية الضوء في حياة المصور التلفزيوني الفنان والمبدع ولأول مرة حرصت قيادة قطاع التلفزيون (ق 2) على ترشيح زملاء مختصين ومن ذوي الخبرة المهنية والفنية الكافية والزملاء هم :زين أحمد زين /مصور / محمد فضل /مصور/ محمد جميل طه شاذلي /مصور/ إحسان صالح / مصور استديو/ جمال أحمد سعيد مشرف إضاءة تلفزيونية .[c1]ختاماً :[/c]ينبغي التأكيد مجدداً على مضاعفة الاهتمام بقضية التدريب والتأهيل الداخلي والخارجي للمبدعين في قطاع التلفزيون والحرص على تأمين فرص واسعة للتخصصات التي يشملها العمل الابداعي والفني التلفزيوني وإيلاء عناية متعاظمة لترشيح العاملين من الشباب المناطة بهم مهمة الارتقاء والتطوير المستمر للعمل الإعلامي التلفزيوني والاهتمام بالمبدعين الشباب يعني الاهتمام بالحاضر والمستقبل المشرق الذي ننشده جميعاً .[c1]للموضوع تكملة وتواصل في عدد قادم ان شاء الله .[/c]* Email / [email protected]