اعتبروها رغبة شعبية للتغيير وأكدوا ضرورة تجديد مضامينها.. مواطنون :
صنعاء/ عبدالله بخاش:لامجال لأي مقارنات أو مقاربات من أي نوع بين ما كان يجري قبل الثورة وما بعدها، فالبون شاسع في ما بينهما، فقد كان فجر السادس والعشرين من سبتمبر 1962م لحظة حاسمة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وخطاً فاصلاً بين عهدين: ماضٍ بغيض كئيب مظلم قوامه الظلم والقهر والجهل والفقر ومستقبل مشرق واعد بالحرية والعدالة والرخاء والتقدم.فرق كبير أحدثته الثورة اليمنية في حياة الشعب والوطن، وكانت بالنسبة لهم كسريان التيار الكهربائي إلى أكواخ مجتمع يعيش حياته في الظلام بعد حرمانه من رؤية النور، حتى ولو كان من نجوم السماء.لقد اضاءت الثورة اليمنية قناديل الأمل في نفوس الناس، وأنارت لهم دروب الغد، وساعدتهم في التحرر من أغلال الإمامة التي نسجتها في الظلام عناكب الرجعية والتخلف، وكشفت لهم عن حقيقة النظام الاستبدادي البائد الذي كان يتستر خلف أقنعة الوهم والخرافة والتدليس، وكيف كان الحاضر سيبدو جميلاً بدونه.لن نجافي الصواب إذا اختزلنا الحديث في القول إن قيمة الحياة الجديدة التي تجسدت بعد الثورة اليمنية لن يدركها جيداً إلا من عاش بؤس الحياة قبل الثورة وذاق مرارتها، تماماً كقيمة الحرية التي لايقدرها ويدرك أهميتها إلا السجين، و العلم التي لايعرف قدرها إلا الأمي الجاهل، وقيمة الصحة والعافية التي لايعرف قيمتها إلا المريض، وهكذا.(14 أكتوبر) في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد التقت عدداً من المواطنين، واستطلعت آراءهم حول الثورة اليمنية والتحولات التي أحدثتها في حياة الشعب والوطن مقارنة بما كان سائداً في الماضي.[c1]أفضل ولكنها صعبة[/c]أول المتحدثين ممن التقيناهم في هذا الاستطلاع الأخ/ سعيد الزبيدي ـ 49 عاماً ـ يرى أن الثورة اليمنية أحدثت نقلة نوعية في حياة اليمنيين، وكانت بمثابة نقطة تحول بين عهدين يستحيل المقارنة بينهما ويقول: لقد غيرت الثورة اليمنية حياة الناس وأوضاعهم التي كانوا يعيشونها، ولا يمكن لأي إنسان أن يتخيل كيف كان الناس يعيشون حياتهم وكيف يسيرونها بالبركة، مياه الشرب من البرك الراكدة ومن حقول الأمطار والأودية، والتعليم مقتصر على معلامة الفقيه، والمرضى يستغلهم المشعوذون والدجالون ويضحكون عليهم جهاراً نهاراً.ويضيف الزبيدي قائلاً: بالمقارنة مع أيام زمان فإن أوضاع البلاد والناس أفضل بكثير من أيام الملكية من حيث توفر الخدمات وحرية الناس وتحقيق المساواة والعدالة، لكن من حيث ظروف المعيشة فإن ظروف الناس اليوم اصعب ربما من ايام زمان، لأن الناس تغيرت طباعها والبركة انتزعت منهم، فأصحبت الحياة صعبة وكل شيء غالياً، وقيمة الريال تدهورت كثيراً، وانتشرت بين الناس المجاملات والواسطات والفساد، ما أثر على وضع المجتمع اليوم وعلى حياة الناس.[c1]حرية بلا حدود[/c]ويتفق معه في الحديث الأخ/ جودان هبة عن التحولات الوطنية المهمة التي شهدها اليمن بعد الثورة ويتساءل مستغرباً بقوله: من كان يصدق أن الناس بعد أن كانوا يصدقون أن (شيخ الجن مات) ويخافون من الإمام اصبحوا اليوم يتكلمون في السياسة وعن الفساد والانتخابات وحتى عن الرئيس نفسه بكل حرية ودون خوف من أحد.ويضيف: الناس اليوم في نعمة وكل شيء متيسر بسبب المشاريع التي تحققت بعد الثورة، والناس الذين قاموا بالثورة كانوا مؤمنين ومخلصين لبلادهم، ويريدون لهم التطور والتقدم مثل كل الدول، ولو كل مسؤول اليوم مثلهم ويعمل بنية صادقة لأجل الوطن لكانت اليمن مثل دول الخليج، ولكن لو وجد منهم واحد (عمار) تجمع له ألف (هدام)، وخربوا العمل كله.[c1]الفارق كبير[/c]من جانبه يقول سعيد الحشيبري: صحيح أن الفارق بين ما قبل الثورة وما بعدها كبير ولايقارن، لكن علينا أن نكون موضوعيين عند تناول هذا الموضوع وتقييمه حتى لايصبح ما نقوله من باب المبالغات والتطبيل للمناسبة، فالواقع ألا أحد ينكر مكانة الثورة اليمنية في مسار التاريخ اليمني المعاصر، وكانت بالفعل فاتحة الطريق أمام العديد من التحولات والمنجزات في الوطن، لكن بمقارنة الأوضاع بين ما قبل وما بعد الثورة سيكون من الواجب الإشارة إلى بعض الجوانب المهمة التي لاينبغي تجاهلها، بل الواجب مراجعتها من حين لآخر، فرغم أن الثورة جاءت لتقضي على الجهل والفقر والمرض إلا أن من الأشياء المحزنة والمعيبة لبلادنا أن نحتفل بعد سنتين بالعيد الذهبي للثورة اليمنية، ومعدل الأمية الأبجدية في بلادنا من أعلى المعدلات على مستوى العالم، وشعبنا من أفقر الشعوب وغالبية السكان أصبحت ما بين خط الفقر وتحت خط الفقر.ويضيف الحشيبري قائلاً: كانت الخدمات قبل الثورة شبه منعدمة تماماً وكان الناس على الفطرة، والفساد محصور في زمرة معينة، وكانوا ينظرون لنهب أقوات الناس بالفعل الحرام المستهجن لكن اليوم اتسعت دائرة الفساد، وأصبحت ممارسة الفساد تتم في وضح النهار دون خوف من الله، بل تعتبر نوعاً من الشطارة الدالة على حنكة الرجل وتدبير أمور حياته، وكان في الماضي يمكنك التقاضي وأنت على ثقة بأنك ستأخذ حقك من غريمك بهيبة القضاء واعمال حدود الله في الأرض لكن اليوم يفاجئك حكم من تشتكي إليه بتطبيق قاعدة المرور على الغرماء (ثلثين بثلث) وإلا الحبس.ويؤكد ضرورة تجديد مضامين الثورة اليمنية وأهدافها بتحقيق المساواة والعدالة والعيش الكريم للمواطنين وحماية الوطن والمواطن من الفساد.[c1]الرغبة في التغيير[/c]ولا يختلف شباب اليوم ممن ولدوا في عهدي الثورة والوحدة المجيدتين من حيث رؤيتهم للثورة اليمنية كحدث استراتيجي مهم وإرادة شعبية جبارة كان لها التأثير الكبير على مسار التطور في اليمن وتغيير حياة المواطن، ويعتقدون أن الثورة اليمنية كانت انعكاساً لرغبة الشعب في التغيير وتبديل أوضاعهم نحو الأفضل.ويرى الأخ/ علي العريجي، ويعمل معلماً بإحدى المدارس الحكومية أن اليمن كانت تعيش قبل الثورة في ظلام دامس بسبب الجهل المسيس المتعمد من قبل السلطة الحاكمة وقتها، حتى لايرى الشعب نور الحقيقة والتطورات الموجودة في ذلك الزمان.ويقول: كانت حياة الناس قبل الثورة تسير بالبركة وببساطة التعامل وكانت معيشتهم محدودة وكذلك ثقافاتهم، وكانت الخدمات غير موجودة، أما بعد الثورة فقد انفتحت اليمن على العالم وشهدت التطورات الحديثة في مختلف جوانب الحياة، واصبحت حياة الناس أقل تعقيداً عما كانت عليه قبل الثورة.ويضيف العريجي قائلاً: بالرغم من حدوث الكثير من التطورات الراهنة إلا أن اليمن لايزال يعيش في جهل، لكنه على علم فهو لايسخر علمه ومقدراته في خدمة الوطن بقدر ما يسخرها في زعزعة أمن الوطن، وكذلك رغم التزامنا بالنهج الجمهوري والديمقراطي الحضاري، إلا أن المجتمع لم يتخلص من تحكم الأعراف والتقاليد والمشايخ في شؤون حياتنا، حتى ولو كانت خاطئة وتحيد عن الصواب، ورغم تكرار ممارساتنا الديمقراطية، إلا أن فهمنا للعمل الحزبي وكيفية تسخيره لخدمة الوطن وبنائه لايزال قاصراً، وفي كثير من الأحيان تكون ممارساتنا تلك دليلاً على تخبطنا، وإننا لانزال محملين بأثقال من مخلفات الاستبداد والاستعمار البغيض.[c1]تطور إلى الأفضل[/c]من جانبه يقول بسام سيلان وهو طالب جامعي بكلية المجتمع: صحيح أننا كشباب لم نعش أيام قبل الثورة لكن ما يحكيه التاريخ ويوثقه لتلك الفترة الزمنية كان كئيباً ومخيفاً، حيث كان يسود في اليمن حكم جبروتي ظالم، وكان الناس يعيشون في خوف ومذلة تحت رحمة الحكم الإمامي الرجعي المتخلف، حيث كانت تنعدم أبسط ظروف العيش الكريم ومقومات الحياة في أدنى حدودها، لاسيما ما يتعلق بسبل التنقل والاتصال بين الناس، وبفضل الثورة اليمنية تغيرت أحوال الناس وظروف معيشتهم كثيراً وشهدت تحولاً رهيباً بدخول التكنولوجيا الحديثة في جوانب حياتهم وتوفر الخدمات المختلفة وانتشارها على امتداد الوطن وتيسير سبل الوصول إليها، ما ساهم في رقي المجتمع اليمني بعد الثورة المجيدة وتطوره للأفضل.[c1]الميلاد الجديد[/c]ويشير محمد يحيى عثمان وهو طالب ثانوية عامة إلى ما احدثته الثورة اليمنية من تحولات كبيرة على مستوى الفرد والمجتمع بقوله: لقد كانت الثورة اليمنية ميلاداً جديداً للوطن حيث تغيرت الأحوال والظروف وولدت اليمن من جديد، فانتشرت المدارس والكليات والجامعات في ربوع الوطن لتمحو الأمية وتقضي على الجهل، وتوفرت العيادات والمراكز الصحية والمستشفيات للقضاء على المرض، وانشئت المصانع والشركات لمكافحة البطالة ودعم الاقتصاد ورفع كفاءة الإنتاج الوطني، وشهد الوطن في ضوء أهداف الثورة المجيدة توفر خدمات الطرق والكهرباء والمياه والسدود واستخراج النفط وغيرها من الخدمات التي ساهمت في رفع المستوى المعيشي للمواطن، وأغلى ما تحقق للوطن والمواطن خلال عهد الثورة هو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.ويضيف قائلاً: من الواجب على هذا الجيل إدراك القيمة الإنسانية لثورة الشعب التي تحققت في السادس والعشرين من سبتمبر المجيد، والمنجزات التي تحققت في ظلها، وان يحرصوا على حمايتها وعدم التفريط بها، ولايمكن لأي حر شريف أن يرضى العودة بالوطن إلى عهود الظلم والتخلف وظلام الحكم الاستبدادي بعد أن رأينا نور الحرية والديمقراطية بعد الثورة اليمنية.