اعداد / شوقى العباسى كان الهاجس الظاهر لدى الكثير من الناس فى اليمن فى الفترة السابقة من القرن الماضى هو الاهتمام بزيادة عدد السكان دون ادراك الانعكاسات التى ستترتب على ذلك من ضغوط على الموارد الطبيعية وتأثيرها سلبيا على الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان ، ولعل الظروف السياسية حينها قد ساعدت وأسهمت فى ترسيخ وتعزيز مفهوم النمو السكانى بدوافع المبررات السياسية لتلك الفترة ، ولكن بعد نمو الاتجاه نحو الاستقرار السياسى فى فترة الثمانينات وما بعدها بدأت الاشكاليات السكانية تبرز بشكل واضح وبرزت معها التحديات الاقتصادية والصعوبات المواكبة لها والمتمثلة فى ضعف النمو الاقتصادى والاختلال فى الموارد ومستوى الدخل وارتفاع معدلات التضخم وانتشار ظاهرة الفقر فى كثير من الدول النامية ومنها بلادنا . [c1]حجم السكان واتجاهاته [/c]شهد حجم السكان فى اليمن نموا ملحوظا حيث تضاعف من ثلاث مرات فى فترة زمنية اقل من 50 عاما ،حيث كان عدد السكان فى عام 1950م مقداره 4.3 مليون نسمة وارتفع الى 5.8 مليون نسمة فى العام 1994م والى نمو 19.7 مليون نسمة عام 2004م كما ان معدل النمو السكانى شهد ارتفاعا غير مسبوق خلال الفترة بين منتصف الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى حيث وصل الى 3.7 % سنويا مما جعل اليمن فى صفوف الاولى فى النمو السكانى ، وتشير الاسقاطات الحديثة الى ان حجم السكان قد يصل الى 35.3 مليون نسمة فى عام 2025م فى العام نفسه [c1]الفقر وعلاقته بالسكان [/c]رغم التقدم المذهل الذى شهده العالم فى الجوانب الاقتصادية والتكنلوجية خلال النصف الثانى من القرن الماضى الا ان ظاهرة الفقر تعتبر من المشاكل الرئيسية التى برزت بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة حيث تفاقمت وازدادت حدتها خصوصا فى العقد الماضى ولا تزال تنمو كل عام ، ويعتبر الفقر وفقا لا ستراتيجبة التخفيف من الفقر ظاهرة ناتجة لمجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية والسياسية المحلية والعوامل الخارجية التى تتضافر جميعها لتكون بيئة مواتية لا نتشار الفقر وزيادة حدته فى بلادنا .كما ان الفقر يعنى حرمان السكان من مستوى معيشى معين يؤثر على قدرتهم البشرية مثل التدنى فى المستوى التعليمى والصحى وغيرهما وقدرتهم السياسية والاجتماعية والثقافية .لذلك فان الفقر حالة من النقص الشديد فى تلبية احتياجات السكان فى جوانب الغذاء والتعليم والصحة والمسكن وغيرها من الاحتياجات .لذا يمكن القول ان مشكلة ظاهرة الفقر وتطورها فى البلاد يمكن الاستدلال عليها من خلال مؤشرات اقتصادية واجتماعية عديدة ، فالأداء الاقتصادى لفترة النصف الاول فى التسعينات انعكس سلبيا وبشكل ملحوظ من خلال ظهور مجموعة من الصعوبات الاقتصادية متمثلة فى عجز الموازنة العامة وعجز ميزان المدفوعات والاختلالات الادارية والتنظيمية وكان من اهم العوامل المؤثرة فى النمو الاقتصادى الضعيف غياب استراتيجية واضحة للتمنية وتضارب السياسات وتدنى الاستثمارات .[c1]الخصائص الاقتصادية [/c]ترتفع نسبة الفقر بشكل حاد كلما كبر حجم الاسرة فتصل الى نسبة 50 % بين الاسرة التى يتكون افرادها من 10 افراد وما فوق وتدنى هذه النسبة تصل الى 1 % بين الاسرة المكونة من فرد واحد او اثنين .كما ان نسبة الفقر ترتفع مع خاصية ارتفاع معدل الاعالة من الاطفال الى البالغين من الاسرة فكلما زادت الاعالة من الاطفال ارتفعت نسبة الفقر وتقل كلما زادت من البالغين حيث تصل الى 66 % عندما تكون نسبة الاعالة من الاطفال الى البالغين أكثر من اربعة وتتخفف الى 50 % بين الاسرة التى تبلغ نسبة الاعالة من الاطفال الى البالغين بين 2 الى 3 وتتدنى الى 35% بالنسبة للاسرة التى يزيد فيها عدد الاعالة من البالغين من الاطفال . كما ان هذه النسبة ترتفع عندما يراس الاسرة عائل أمى وفى سن العمل ما بين 26 - 46 سنه حيث تصل الى 43 % وتصل هذه النسبة الى 38% بين الاسر التى يترأسها عائل دون الخامسة والعشرين من العمر حيث ترتفع الى 39% بين الاسر التى تبلغ سن اربابها فى اعمار كبيرة جدا .كما ان نسبة الفقر ترتفع بين الاسر المعتمدة عازب عائل ارمل وبنسبة 43% بين الاسر التى يعولها مطلق .[c1]مظاهر الفقر البشرى " الخصائص الاجتماعية " [/c]هى تلك الخصائص التى تبرز المظاهر التفصيلية للفقر من خلال مؤشرات المختلفة وبالذات المرتبطة بالجوانب السكانية مثل الخصوصية ووفيات الاطفال والامهات والامية والتعليم والخدمات الصحية والخدمات الاخرى كالمياه للشرب والكهربا ففي الجانب التعليمي ترتفع نسبة الفقر كلما ارتفع نسبة الامية , فحوالي 87 % من الفقراء هم من الفئات التي تعاني من الامية حيث ترتفع نسبة الفقر بين الاسر التي يعولها امي (47,3%) في حين تصل هذه النسبة الى مستوى بين الاسر التي حاز عائلها على اعلى مستوى من التعليم وبنسبة 22 % من الفقر المشاهد . وبالنسبة للسكان فبشكل عام فلا تزال معدلات الاميةمرتفعة في الريف والحضر على السواء فقد بلغت 27.7 % بين الذكور و 67.5% بين الاناث , كما ان الفجوة في فرص التعليم تكبر عند اضافة عامل الشرب في التعليم من بين الاسر الفقيرة بسبب الحاجة الى استخدام الاولاد لتحمل مسئوليات المساعدة في نفقات المعيشة وبسبب عدم قدرة هذه الاسر على تحمل تكاليف الدراسة . وبالتالي تظهر مشاكل اخرى ناتجة عن هذه المشكلة منها دفع الاولاد الى التسول او العمل ومن اجل المساهمة في تحمل مسئولية نفقات المعيشة.وفي الجانب الصحي والبيئي ـ لا يزال هناك ارتباط قائم بين وضع التعليم المتدني وانتشار الامية وتزايد معدلات الفقر من جهة وبين الجانب الصحي من جهة اخرى حيث يؤدي الى انتشار الامراض والاوبئة والتدهور في الاوضاع البيئية , فكلما زاد على الموارد الطبيعية بصفة عامة بمافي ذلك التأثير على التربة والغطاء النباتي ومصادر المياه . وبسبب التدني في توفير الخدمات الصحية وانخفاض الوعي الصحي والتدني في توفير الخدمات الاساسية تظل المؤشرات الحيوية مرتفعة حيث تجد ان : معدل وفيات الاطفال الرضع تبلغ 75 حالة وفاة لكل ألف مولود حي .معدل وفيات الاطفال دون الخامسة تبلغ 9608 حالة وفاة لكل ألف مولود حي .معدل وفيات الامهات 366 لكل حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية . معدل الخصوبة الكلي 603 مولود لكل امرأة .الاسباب الرئيسية للفقر في بلادنا :اما إذا عدنا الى خصائص الفقر المختلفة نجد ان هناك تداخل في هذه الخصائص واسباب الفقر الرئيسية والتي يمكن تلخيصها في الاتي :انخفاض النمو الاقتصادي بسبب الظروف التي مرت بها بلادنا خلال فترة التسعينيات الخارجية والداخلية مما ادى الى اختلالات في الاقتصاد وأثر بذلك سلبيا على الدخل ايضا . ارتفاع معدل النمو السكاني وتأثيره على الجوانب الحياتية للسكان كون معدل النمو السكاني لا يزال في اعلى المعدلات عالميا (3.2) وكبر حجم الاسرة بالاضافة الى التدني في مستويات التعليم والصحة والخدمات الاخرى في الريف والحضر .الرعاية الاجتماعية غير الكافية والتي تساعد كثيرا في تغيير وضع الفقراء وتحسين ظروفهم , بالاضافة الى عدم نضوج المجتمع المدني والقطاع الخاص بدرجة كافية ليسهم بشكل فاعل في جهود معالجة مشكلة الفقر والتخفيف منه .واخيرا فان الارتباط بين قضايا السكان وقضايا الفقر لها ارتباطا وثيقا , من خلال الاطلاع على الاهداف المشتركة في برنامج العمل السكاني للاعوام السابقة والاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر والتوافق في التوجيهات لمواجهة التحديات للقضايا المشتركة في برنامج العمل السكاني واستراتيجية التخفيف من الفقر .
السياسات السكانية والتخفيف من الفقر والعلاقة المتبادلة
أخبار متعلقة