عاطف الطيب من مواليد عام 1947م ، صعيدي المولد ، بولاقي النشأة . أحب التمثيل منذ طفولته ، وبات يحلم بأن يكون نجماً في التمثيل . ففي المرحلة الإعدادية بدأ يرتاد دور السينما ، ولاحظ أثناء متابعته للأفلام ، أنه لا بد من وجود شخص يحرك هذا العمل ، ولم يفهم من هو ؟ أنقذه مدرس اللغة الإنجليزية بالمدرسة الثانوية ، حيث كان يحدثهم عن أهمية الفن في حياة المجتمع ، وعرف منه بأن المخرج يمثل العمود الفقري للفيلم السينمائي . عندها قرر عاطف الطيب أن يكون مخرجاً ، ومن ثم التحق بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة في عام 1967. تخرج عاطف الطيب من المعهد العالي للسينما ـ قسم إخراج عام 1970. وعمل أثناء الدراسة مساعداً للإخراج مع مدحت بكير في فيلم (ثلاث وجوه للحب ـ 1969) ، وفيلم (دعوة للحياة ـ 1973) . كما عمل مساعداً للمونتاج مع كمال أبو العلا. التحق ، بعد تخرجه ، بالجيش لأداء الخدمة العسكرية ، وقضى به الفترة العصيبة (1971 ـ 1975) ، والتي شهدت حرب أكتوبر 1973. وخلال الفترة التي قضاها بالجيش ، أخرج فيلماً قصيراً هو (جريدة الصباح ـ 1972) من إنتاج المركز القومي للأفلام التسجيلية والقصيرة. كانت فترة الجيش بالنسبة لعاطف الطيب فترة تكوين ذهني وفكري ، حيث تمكن خلالها من تكثيف مشاهداته للأفلام (بمعدل 4الى5 أفلام يوميا) . كذلك شارك في العديد من نوادي السينما ، حيث المناقشات الفكرية والفنية حول الأفلام ، والتي أفادته كثيراً. في نفس الفترة أيضاً ، كانت علاقته بالمخرج العبقري شادي عبد السلام ، الذي عمل معه كمساعد للإخراج في فيلم (جيوش الشمس 1973) ، الذي يتحدث عن حرب أكتوبر ، حيث استفاد كثيراً من هذه التجربة ، فقد كانت طريقة وأسلوب شادي يجذبانه . وبعد أن ترك الجيش ، عمل مساعداً للمخرج محمد بسيوني في فيلم (ابتسامة واحدة لا تكفي ـ 1977). ثم أخرج عاطف الطيب فيلماً قصيراً من إنتاج المركز التجريبي هو ( المقايضة ـ 1978) . عمل ، بعد ذلك ، مساعداً للمخرج يوسف شاهين في فيلم (إسكندرية ليه ـ 1979) . وقد أفاده العمل مع هذا المخرج الكبير بشكل كبير. كما عمل مساعداً للمخرج محمد شبل في فيلم (أنياب ـ 1981). إضافة إلى كل هذا ، فقد عمل عاطف الطيب أيضاً ، في عدد من الأفلام الأجنبية التي صورت في مصر ، حيث عمل مساعداً للمخرج لويس جيلبرت في فيلم (الجاسوس الذي أحبني) ، ومع المخرج جون جيلر من في فيلم (جريمة على النيل) ، ومع المخرج مايكل بنويل في فيلم (الصحوة) ، ومع المخرج فيليب ليلوك في فيلم (توت عنخ آمون) ، ومع المخرج فرانكلين شافنر في فيلم (أبو الهول). وقد كانت هذه التجربة مفيدة جداً لعاطف الطيب، خاصة فيما يتعلق بالإعداد اليومي للعمل، والدقة المتناهية التي يدرسون بها كل شيء، حتى أدق التفاصيل الثانوية.لندع الذاكرة تعود بنا إلى الوراء ، ونتذكر أول مشاهدة لنا فيلم (سواق الأتوبيس) حيث يتحدث عن التفكك الأسري والتفسخ الأخلاقي إزاء التغير المفاجئ في العلاقات الاجتماعية في عصر الانفتاح . ، هذا العمل الذي كان بحق مفاجأة للجميع .. حيث كان بمثابة البشارة الأولى لوجود فن قادر على محاربة الاستهلاك في السينما المصرية ، وبالتالي اعتباره الانطلاقة الجماهيرية الحقيقية التي أعلنت للجميع عن وجود سينما مغايرة ، وعرَّفت بالسينما المصرية الجديدة ، هذه السينما التي قامت على أكتاف سينمائيين مغامرين ، أمثال محمد خان وخيري بشارة وداود عبد السيد وغيرهم ، إضافة إلى عاطف الطيب. وكأن الطيب يعرف بأنه لا يملك من العمر إلا القليل، لذلك كان أغزر مخرجي جيله .. وقدم، في أقل من خمسة عشر عاماً، واحداً وعشرين فيلماً سينمائياً.. وجميعها أفلام تسعى إلى الصدق الفني وتتطرق إلى الواقع، وتهتم بالمواضيع التي تعبر عن الإنسان البسيط، وتناقش ذلك الواقع الصعب الذي يحيط بهذا الإنسان.فقد اخرج عاطف الطيب في بداية الثمانينيات عدد من الأفلام كا الغيرة القاتلة عام 1981م وهيا مأخوذة عن رواية عطيل لشكسبير بطولة نور الشريف و يحيى الفخراني وآخرون .بعدها بعام واحد خرج الفيلم الذي أدهش النقاد السينمائيين وهو فيلم سواق الأتوبيس 1982م والفيلم لا يعتبر من أهم أفلام الانفتاح فحسب ، وإنما يعد علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية . ويكفي أنه اختير من بين أهم عشرة أفلام قدمتها السينما المصرية على مدى تاريخها الطويل . هذا إضافة إلى حصوله على عدة جوائز ، أهمها جائزة التمثيل الذهبية لنور الشريف في مهرجان نيودلهي السينمائي الدولي .بعدها جاء عاطف الطيب بفكرة فيلم جديدة والذي حمل عنوان التخشيبة 1984م وهو من بطولة الراحل احمد زكي والفنانة نبيلة عبيد ؛ يحكي فيلم (التخشيبة) عن الطبيبة (نبيلة عبيد) التي تجد نفسها متورطة في تهمة لا أساس لها من الصحة ، إنطلاقاً من حادث سيارة بسيط جر عليها مصائب لم تتوقعها تماماً . لذلك تمضي أيامها بين أقسام الشرطة وأجهزة الأمن وغرف المستشفيات ، منتظرة أن ينجح محاميها (أحمد زكي) في إثبات براءتها . وفي هذه الأيام العصيبة ، تشهد الطبيبة تهاوي القيم الاجتماعية والمبادئ الإنسانية من حولها ، فنراها تندفع للانتقام من الرجل سبب الفضيحة (حمدي الوزير) . أضاف الراحل عاطف الطيب عدد لاباس بة من الإعمال الفنية كا فيلم ( الحب فوق هضبة الهرم ) 1984م و فيلم ( الزمار ) 1985م و( فيلم البريئ) 1985م والذي يعتبر من الأفلام الجريئة القليلة التي تناولت السلطة ونظام الحكم . فقد أثيرت حوله ضجة رقابية وإعلامية بسبب اعتراض الرقابة والحكومة المصرية على الكثير من مشاهده، وبالتالي تأخر عرضه كثيراً .بعد الأفلام التي تناولها الطيب في بداية الثمانينيات والمتضمنة الواقعية في التناول الموضوعي يتجة في فيلم ابناء وقتلة نحو الدراما التقليدية .توفى هذا المخرج المخضرم عام 1995م عن عمر ناهز الثمانية وأربعين عاما رحل عاطف الطيب وهو في ريعان الإبداع والاكتمال الذهني والفكري ... ياترى هل تنجب السينما المصرية اليوم مخرجا كهذا .
أخبار متعلقة