د. زينب حزام عندما يطلع المرء على الأعمال الشعرية الغنائية للشاعر الغنائي الكبير الراحل حسين أبوبكر المحضار تأخذه الدهشة ويتساءل لماذا لاتقوم وزارة الثقافة بتكريم هذا الفنان والشاعر الغنائي الكبير، الذي قدم أجمل الأغاني الشعبية والوطنية لعدد من الفنانين اليمنيين؟! والشاعر الغنائي حسين المحضار من مواليد مدينة الشحر ـ حضرموت في عام 1350هـ وكتب الشعر وعمره (17) سنة، وعرف شاعراً في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، وكان جده لأبيه شاعراً وكذلك جده لأمه، وقد اشتهر الشاعر الغنائي حسين ابوبكر المحضار بقصيدته الغنائية «يارسولي توجه بالسلامة» وأغنيته «نوب من جبحه» واغنيته «نار بعدك ياحبيبي» واغنيته «عنب في غصونه» وهذه الأغاني قدمها الفنان اليمني الكبير أبوبكر سالم بلفقيه ونالت إعجاب جمهور الاغنية اليمنية في اليمن والخليج العربي .ومن الأغاني العاطفية التي كتبها الراحل حسين المحضار وغناها الفنان محفوظ بن بريك أغنيته المشهورة «الحب شفته».وقد عاش الشاعر الغنائي حسين أبوبكر المحضار فترة من الزمن في الكويت وكتب عدداً من الأغاني الرائعة التي غناها له الفنان الكبير ابوبكر سالم بلفقيه ومنها (ياويح نفسي) و(المعاملة بالمثل) وهناك أغان من كلمات الشاعر الغنائي الراحل حسين أبوبكر المحضار غناها الفنان الكبير «عبدالرب ادريس».كما قدم الفنان محفوظ بن بريك أغنية (المغترب) التي تقول كلماتها:ياالمغترب خف نفسك حط ميزانكقل مرحباً للوطن اذا قد دعاك الوطنفي حلها ماتعزك غير أوطانكياالمغترب خف نفسك حط ميزانكالشحر تدعيك ويناديك بندر عدنأرجع إليها وعد عاحسب أمثالكلقد قدم الشاعر الغنائي حسين المحضار قصائد غنائية تعالج هموم الانسان العادي وتفيض مشاعر إنسانية وثقافة عالية وتبين تأثر الشاعر بالشعراء القدامى جميعهم الذين كان لهم تأثير كبير في صياغة لغة الشعر، هذا بالاضافة الى تأثرهم بلغةالقرآن الكريم، كما اهتم المحضار بالقصيدة ذات التفعيلة التي تحدث الرنين العميق في النفس وان كان هذا لايعني أنه يمثل شعراء الكلاسيكية، وهنا لابد من الإشارة الى أنه أنتج الجميل من القصائد الغنائية التي نالت إعجاب جمهور الأغنية اليمنية. لقد كان شاعرنا الغنائي حسين المحضار ينهل قصائده الرائعة من التراث والفكر والثقافة من ينابيعها الرائعة حتى يتمسك بتراثنا اليمني حيث يجد المستمع أن كلمات أغانيه مشبعة بالنغم ويولد النص الشعري من حشرجة في النفس ويبدأ بكتابة نصه عندما يمتلكه إحساس بشيء غامض يؤدي الى تولد الرؤيا التي تمكنه من القصيدة.لقد قدم الشاعر الغنائي الراحل عدداً من القصائد الغنائية في المناسبات الوطنية غناها الفنان كرامة مرسال ومنها أغنية (وهنيا أرض بلقيس) وصدر للشاعر الغنائي حسين المحضار دواوين شعرية ومنها ديوان «دموع العشاق» صدر في سنة 1960م.ويقول الشاعر الغنائي الراحل في إحدى قصائده الغنائية:أنا من أجـل واحدتجنبت الحرب وبقيت وحديوحبيـت التبـاعدويواصل الشاعر قصيدته الغنائية حتى يقول:عطيته قسم زائدوغيره يقبـل الزايـد إذا زادوكـان الله شاهدوغيـــر الله ماحــد ناس شهادكان الشاعر الغنائي حسين المحضار يعشق الليل والبحر ويكتب قصائد يعبر فيها عن حبه للوطن والأهل والأصدقاء.ومن قصائده التي كتبها في الغربة وغناها له الفنان محفوظ بن بريك «الحب شفته في شيكوسلوفاكيا» وقد كانت بمثابة مناجاته للوطن ويقول:الحب شفته في شيكوسلوفاكياوالفن شفته في شيكوسلوفاكيالما ياعين ياعيني الباكسيةماتدركين البكاء وتفارقين الهموممهمـــــا تزيـد الهمومقصائد الشاعر الغنائي حسين المحضار تراث يجب توثيقه.تعد قصائد الشاعر الراحل المغناة تراثاً موسيقياً من الواجب على وزارة الثقافة ووزارة الإعلام توثيقه والمحافظة عليه حتى تتوارثه الأجيال والتراث الموسيقي له طبيعته الخاصة فهو يعيش في ذاكرة الحفظة وتتناقله الأجيال خلال سنوات بالتواتر الشفوي وقد أضافت إليه الأجيال شيئاً من التعديل أو التنقيح من تفاصيله الدقيقة بما يتفق مع ذوق العصر،ولكن بما لايخرج عن الإطار العام للتقاليد الموسيقية ولم يدون التراث الموسيقي بالنوتة إلا بعد انتشار التعليم الموسيقي في القرن العشرين، وهي الأبعاد التي لانظير لها في الموسيقى الغربية التي نقل الشرق عنها طرائق التدوين واستقر العزف على ابتكار علامة للدلالة على بعد الثالثة والمتوسطة، كما من مقام الراست مثلاً وهو البعد الذي يطلق عليه تجاوزاً ثلاثة ارباع الصوت.. وكان شاعرنا الغنائي حسين المحضار على علم بالعلوم الموسيقية ويجيد العزف على اوتار العود وكثيراً ماكان يقوم بكتابة القصيدة الغنائية وتلحينها وتقديمها للفنانين وهذا مايؤكد ضرورة الاهتمام بنتاج هذا الشاعر الغنائي وتوثيق أعماله حتى يتمكن الدارسون للفن الحضرمي من دراسة هذا التراث الموسيقي في المعاهد الموسيقية اليمنية.لقد كان الشاعر الغنائي حسين المحضار في مجال القصيدة الغنائية دائماً مبتكراً ومبدعاً يجيد التأليف والتلحين وفي بعض الأحيان يغني لمن حوله قصائد غنائية فهو يتميز بالصوت الرخيم والإبداع في آن واحد. فقد كان العزف الموسيقي يسمح له، بل يفرض عليه، أن يتصرف في الأداء الموسيقي في بعض التفاصيل، فهو المؤلف والملحن والعازف وكثيراً ماكان يستفيد من التراث اليمني ويتأمله ويقوم بالتجديد والتمسك بما لايمكن تجديده تاركاً آثاراً عميقة على الفنون الغنائية والموسيقى اليمنية، إضافة الى الشحنة العاطفية في قصائد حسين المحضار والأحاسيس وهي أشد وأعنف من أن يرتفع بها الى عالم الرومانسية، فهو كثيراً مايتحدث عن جمال الطبيعة والمشاعر الإنسانية والعلاقات الاجتماعية والحنين الى الوطن في مشاعر المغتربين.إن المستمع للقصائد الغنائية للشاعر والمبدع حسين ابوبكر المحضار يجد نضال الشعب اليمني وحنين مغترب وصوراً مليئة بكل التفاصيل الإنسانية من قوة وضعف وحنان وسخرية وتلقائية وصدق وخيال وأصالة، إنها كلمات غنائية ارتبطت في الأذهان بمعان عاطفية وقومية متشعبة تتوارثها الأجيال في الفنون الموسيقية والغنائية.
أخبار متعلقة