القاهرة/14اكتوبر/ أيمن محمود:صدر عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام عدد بعنوان (الإرهاب الدولي في أفريقيا) ضمن سلسلة كراسات استراتيجية، ومؤلف هذا العدد هو د. أحمد إبراهيم محمود رئيس تحرير كراسات استراتيجية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، والكاتب له العديد من الإصدارات نذكر منها: (تفجيرات سيناء وتحولات ظاهرة الإرهاب في مصر)، و(إبعاد إنشاء قيادات عسكرية أمريكية جديدة لإفريقيا).في المقدمة يري المؤلف أن نقطة الانطلاق الرئيسية في علاقة أفريقيا بالإرهاب تتمثل في أن هناك شكلين رئيسيين يتخذهما التهديد الإرهابي في القارة، أولهما الإرهاب المحلي، إذ إن الإرهاب يعتبر أحد أشكال العنف المتوطن في أفريقيا، ويستخدم بكثافة شديدة في الحروب الأهلية والصراعات الداخلية المسلحة التي تعاني منها الكثير من دول القارة، أما الشكل الثاني، فهو الإرهاب الدولي أو الإرهاب العابر للحدود، وهو الإرهاب الذي تنطبق عليه عناصر الجريمة المنظمة الدولية أو العابرة للحدود،وأبرز نماذج هذا الشكل هو ذلك الذي يقف وراءه القاعدة والجماعات التي تستهلم نموذجه.ويركز المؤلف على تناول مختلف أبعاد التهديد الإرهابي في إفريقيا، من حيث ارتباطه بطبيعة شكل الدولة، فيذكر: أن ظاهرة الإرهاب تتأثر إلي حد كبير بطبيعة الدولة في إفريقيا، لاسيما أن الضعف التقليدي العام للدولة في إفريقيا يتيح فرصا ملائمة للجماعات الإرهابية للعمل بحرية في دول القارة، ولكن من الضروري التمييز هنا ما بين الأشكال المختلفة من ضعف الدولة، إذ يمكن القول بأن هناك أربعة أشكال مختلفة لقوة أو ضعف الدولة في إفريقيا، ولكل منها انعكاسات مختلفة بشكل أو بآخر على عمل الجماعات الإرهابية، وهي: الدول الضعيفة، الدول الفاشلة، الدول القوية والمستقرة نسبيا، الدول المنهارة.أما عن الإطار الاستراتيجي للإرهاب في إفريقيا، فيري المؤلف أن تحليل الإطار الاستراتيجي للإرهاب في إفريقيا يعتبر مفتاحاً رئيسياً لفهم الدوافع والاستراتيجيات والتكتيكات الخاصة بالموجة الراهنة من الإرهاب في القارة، باعتبار أن الإرهاب ليس هدفا بحد ذاته من جانب منفذيه، وإنما وسيلة أو أداة من أجل تحقيق هدف سياسي معين، وتنبثق من هذا الهدف السياسي استراتيجية محددة للعمل، ثم تتفرع من هذه الاستراتيجية تكتيكات وخطط عمل محددة لإدارة عمليات الجماعة الإرهابية، مثلا ذلك الهدف الاستراتيجي الذي تتبناه القاعدة، والمتمثل في (تخليص أمة الإسلام والمسلمين من الظلم ومن إسرائيل).وينتقل المؤلف إلى تطور التهديد الإرهابي في أفريقيا، فيقول: إن ظاهرة الإرهاب في إفريقيا تطورت حسب تطور حركة التفاعلات السياسية والاقتصادية الكبري في إفريقيا، إذ تأثر تطور ظاهرة الإرهاب إلى حد كبير بالموروث الاستعماري والنشأة الاصطناعية للدولة في أفريقيا كما تداخل الإرهاب مع ظواهر وتطورات أخرى مثل الحروب الثورية، والحروب الأهلية والحروب بالوكالة وغير ذلك، بحيث كان الإرهاب أحد أشكال العنف المستخدم كجزء من تلك التطورات الكبري في إفريقيا ، ومن ثم يمكن القول إن ظاهرة الإرهاب في إفريقيا ترتبط بالأساس بالحروب الأهلية والصراعات الداخلية من ناحية، وبالإرهاب الذي تمارسه الجماعات الجهادية، وأبرزها تنظيم القاعدة من ناحية أخرى.ويشير المؤلف إلى تطور جهود مكافحة الإرهاب في إفريقيا، فيقول: على الرغم من أن الاهتمام الإفريقي بقضايا مكافحة الإرهاب يعود إلى فترة طويلة مضت من مثل هجمات 11 سبتمبر 1002 في الولايات المتحدة، فإن هذا الاهتمام ظل يتطور ببطء شديد على الساحة الإفريقية، ولابد من الإشارة هنا بداية إلى أن منظمة الوحدة الإفريقية لم تكن تبدي اهتماما ملموساً بظاهرة الإرهاب في إطار الموقف التقليدي للمنظمة القائم علي الالتزام الصارم بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء ، ولكن مع حدوث تفجيرات نيروبي ودار السلام، والتي عكست تطور ظاهرة الإرهاب إلى مستويات نوعية بالغة الخطورة، جاء إقرار الاتفاقية الأفريقية لمنع ومكافحة الإرهاب في الجزائر عام 9991، مما وفر للعمل الجماعي الإلات التعاون بين الدول الإفريقية في مختلف مجالات منع ومكافحة الإرهاب، كما حددت نطاق التفويض للدول في هذا المجال.[c1] مكافحة الإرهاب[/c]ويشير المؤلف إلي مكافحة الإرهاب في إطار الاتحاد الأفريقي، قائلا: بدأ التحول من منظمة الوحدة الإفريقية إلي الاتحاد الأفريقي منذ أن دعت ليبيا إلي قمة إفريقية استثنائية في >سرت< في سبتمبر 9991 من أجل التباحث بشأن سبل تطويروتعزيز التعاون والوحدة بين الدول الإفريقية، والتي ركزت علي سبل التغلب علي أوجه الفشل التي شابت أداء منظمة الوحدة الإفريقية، ثم تبنت قمة لوي -توجو- الأفريقية في يوليو 2000 قراراً بإنشاء منظمة جديدة تحل محل منظمة الوحدة الإفريقية، تتمتع بصلاحيات أوسع بكثير من المنظمة القديمة، والتي استحوذت مسألة مكافحة الإرهاب على خيز رئيسي من اهتمامات المنظمة الجديدة، حيث ارتكز التعامل مع ظاهرة الإرهاب في إطار الاتحاد الإفريقي علي أنه لا يعتبر فقط عملاً خارجاً عن القانون، وانتهاكاً جدياً لحقوق الإنسان وإنما يعتبر أيضا عقبة كبيرة أمام التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدول الإفريقية، ولذلك فقد تضمن الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي إدانة كاملة لأعمال الإرهاب.ويتطرق المؤلف إلي الأدوار الدولية في منع ومكافحة الإرهاب في إفريقيا، فيري أن الدور الأمريكي والدولي يعتبر دوراً محورياً في منع ومكافحة الإرهاب في إفريقيا في فترة ما بعد هجمات11 سبتمبر في الولايات المتحدة، حيث أصبحت مكافحة الإرهاب تحتل الأولوية المطلقة في السياسة الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة، ونتيجة لذلك فقد دخلت إفريقيا عموما، ومنطقة القرن الأفريقي بشكل خاص، إلى دائرة الحرب الأمريكية منذ فترة مبكرة عقب هجمات 11 سبتمبر.وشهدت الجهود الأمريكية والدولية تطورات تدريجية في مجال منع ومكافحة الإرهاب في إفريقيا، وجاء التطور الرئيسي في الاهتمام الأمريكي بأفريقيا في عام 2002 بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في جيبوتي لمراقبة الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وامتد هذا الاهتمام الأمريكي إلى منطقة الساحل، والتي تعتبر أيضا واحدة من ساحات الإرهاب الرئيسية في إفريقيا، حيث تنظر الإدارة الأمريكية إلى منطقة الساحل باعتبارها قاعدة خلفية لتنظيم القاعدة بسبب محاولات عناصر القاعدة البحث عن ملاذ آمن في مناطق شمالإ أفريقيا سواء في منطقة الساحل أم في الجزائر والمغرب.[c1]انهيار الدولة [/c]ويضيف المؤلف: وفي الوقت نفسه، تدخلت الولايات المتحدة بصورة غير مباشرة في بعض الصراعات الأفريقية تحت مظلة الحرب علي الإرهاب، لاسيما في الصومال، وكان الاهتمام الأمريكي بالحالة الصومالية عائدا إلى استمرار حالة انهيار الدولة وعدم وجود حكومة مركزية في الصومال فضلا عن وجود جماعات أصولية تتهمها الإدارة الأمريكية بالضلوع في عمليات إرهابية بالتعاون مع تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، ويعتبر الدور الأمريكي أحد الأدوار الرئيسية غير المباشرة في حرب ديسمبر 6002 ضد المحاكم الإسلامية، ومن خلال هذا الحرب طورت إدارة جورج بوش ما يعرف بـ>النموذج الأثيوبي< والقائم علي امتناعها عن التدخل العسكري المباشر ضد الجماعات المتطرفة المحلية، والاكتفاء بدلا من ذلك بدعم القوات المسلحة في تلك الدول، أو في دول مجاورة، بحيث تتولي بنفسها التعامل مع تلك الجماعات دون أن تضطر الولايات المتحدة لتحمل التكاليف البشرية والمادية للتدخل العسكري المباشر في تلك الدول، ووفق هذا النموذج كان هناك توزيع محدد للأدوار بين الولايات المتحدة وشركائها، تقوم بموجبه أثيوبيا بالدور العسكري الرئيسي عبر الدفع بقواتها المسلحة لضرب المحاكم الإسلامية، بينما توفر الحكومة الانتقالية الغطاء الشرعي والسياسي لهذا التدخل، في حين توفر الولايات المتحدة وبريطاليا الدعم الاستخباراتي للقوات الإثيوبية والحكومية مع إمكانة المشاركة في عمليات تعقب قادة المحاكم وأعضاء القاعدة الموجودين في الصومال جنبا إلي جنب مع تقديم مساعدات مالية ضخمة.أما عن انعكاسات الإرهاب الدولي علي القارة الأفريقية، فنري أول هذه الانعكاسات السياسية، فهناك صلة وثيقة بين الإرهاب وأداء النظام السياسي، إذ هناك حالة من الإجماع علي أن مكافحة الإرهاب تتطلب تعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وليس فقط باعتبار مثل هذه الأمور هدفا بحد ذاتها، ولكن أيضا بوصفها متغيرات رئيسية لحرمان الإرهابيين من الحجج والذرائع التي يتعللون بها لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، وتأتي الانعكاسات الأمنية التي تعتبر هي الأخطر على الإطلاق للعمليات الإرهابية بحكم ما تسببه من حالة انعدام الأمن، وإظهار عجز السلطة الأمنية في الدول المستهدفة عن التصدي للعمليات الإرهابية، وهو ما يتسبب بدوره في إحراج حكومات تلك الدول بشدة.وأخيرا، تعتبر الانعكاسات الاقتصادية للعمليات الإرهابية من بين الانعكاسات الأكثر وضوحاً وتأثيراً على الدول المستهدفة، بحكم ما تتركه تلك العمليات من آثار مباشرة على حركة الأفراد والأموال، فضلا عن تأثيرها على المناخ الاستثماري في الدول المستهدفة، ويكون قطاع السياحة الأكثر تضرراً في الدول بالنظر إلى أن أغلب العمليات الإرهابية تستهدف السياح الأجانب والمناطق السياحية، كما تؤدي العمليات الإرهابية إلى توجيه مخصصات أكبر لأغراض الأمن والدفاع بما يمثل استقطاعا من الموارد التي يمكن توجيهها نحو أغراض تنموية أخرى.وفي خاتمة الكتاب يرى المؤلف أن الإرهاب الدولي في إفريقيا يعتبر إرهاباً وافداً، يسعي إلى استخدام الأراضي الإفريقية كمجرد ساحة للمواجهة من أجل ضرب أهداف غربية وإسرائيلية، وهو يختلف تماما عن الإرهاب المحلي الذي يجري في إطار الحروب الأهلية والصراعات الداخلية المسلحة في أفريقيا.
|
اتجاهات
الإرهاب الدولي في إفريقيا
أخبار متعلقة