تعكس المؤشرات الاحصائية الخاصة بالنمو السكاني على مستوى العالم ارقاماً مذهلة عن مدى التضخم الذي وصل اليه سكان العالم والذين وصل تعدادهم الى (6.464.7) مليار نسمة عام 2005م ، بمعدل نمو ( 1.2) سنوي وفي حال اذا ما استمر ذلك المعدل على حالة فان من المتوقع ان يصل عدد سكان العالم الى حوالي ( 9.075.9) مليار نسمة بحلول عام (2050).وبالنظر الى تقرير سابق لحالة سكان العالم، سنجد ان سكان العالم ( وفقاً لتقرير عام 1998م) كانوا يزدادون بأكثر من 80 مليون نسمة سنوياً بالمقارنة بـ 58 مليون سنوياً عام 1960م هذا في الوقت الذي انخفض فيه معدل النمو السنوي لسكان العالم ليصبح اقل من ( 1.4) منخفضاً من ( 2) سنوياً،غير ان هذا الانخفاض لم يمنع من تضاعف سكان العالم حيث كانوا ( 2.5) مليار نسمة عام 1950م حتى وصلوا الى (6) مليار نسمة عام 1999م.ومن الملاحظ ان المصدر الرئيسي لما شهده العالم من تضاعف في حجم السكان هي البلدان النامية والتي يمثل فيها الشباب اجمالاً أكثر من (2) مليار نسمة من الذين تقل اعمارهم عن 20 سنة وهم بذلك يمثلون ثروة بشرية هائلة لبلدانهم..ومنذ اكثر من ثلاثة عقود ماضية تقريباً استدركت البلدان المتقدمة عموماً والولايات المتحدة الامريكية خاصة لعامل الخطر الذي سيشكلة ذلك النموو التضاعف في حجم سكان العالم على مستقبل اقتصادياتها.فنهري كيسنيجر الذي كان مستشاراً للأمن القومي ومن ثم شغل منصب وزير خارجية الولايات الامريكية قام في عام 1975 بتقديم مذكرة لرئيس الولايات المتحدة الامريكية حول قرار رقم ( 314) لمجلس الامن المتعلق بـ / انعكاسات النمو السكاني في العالم على الامن القومي للولايات المتحدة الامريكية ومصالحها فيما وراء البحار وهذا مادفع الولايات المتحدة في حينة للتوجه نحو البلدان النامية طالبة منهم صياغة سياسات سكانية لاحتواء النمو السكاني فيها وربما كان ذلك احد المعايير- الغير معلنة- التي يتم على اساسها الحصول على مساعدات..ومنذ الوهلة الاولى يتبين لنا ان الجانب الامريكي قد ادرك بأن النمو السكاني في العالم وبالرغم من الانخفاض التدريجي في معدلاته السنوية سيترتب عليه هجرة ونزوح رؤوس الاموال والاستثمارات نحو التصنيع بكلف منخفضة نتيجة للوفر في الايدي العاملة الرخيصة لدى دول الجنوب الآسيوي، كدول جنوب شرق آسيا والصين والهند الى غيرها من البلدان النامية التي تتمتع بخاصية الكثافة السكانية الكبيرة وتدني مستويات المعيشة الناتجة عن الانخفاض في متوسط دخل الافراد.فالصين - على سبيل المثال- التي يعيش فيها " وفقاً لاحصاءات 2005م" قرابة 600 مليون نسمة بدولارين في اليوم الواحد فقط، ويولد فيها يومياً 20 الف طفل ، وبرغم اتباعها لسياسة الطفل الواحد الا ان سكانها قد تضاعف الى مايزيد على الضعفين من 500 مليون بحسب تعداد عام 1949م إلى 1.315 مليار نسمة عام 2005م.إن مثل هذا التضاعف الهائل في السكان كان احد أهم الاسباب التي ادت ولاتزال الى توجه وهجرة رؤوس الاموال والاستثمارات نحو الصين عقب انفتاحها الاقتصادي في بدايات عقد التسعينات من القرن الماضي، وهو ماكان عليه حال دول جنوب شرق آسيا التي اخذت حضها من الانفتاح وتدفق الاستثمارات اليها بفعل ما امتازت به من وفر في الايدي العاملة الرخيصة..ويرى الامريكيون والاوربيون بان تلك الهجرة للأموال والاستثمارات نحو دول الجنوب الاسيوي على مدى ربع القرن الماضي كان سبباً لما تعاني منه اقتصاديات البلدان المتقدمة من تضخم وركود، نتج عنه تداعيات واثار سلبية مختلفة كالعجز في ميزان المدفوعات عن الحدود المسموح بها نتيجة لتنامي الانفاق الحكومي وكذا العجز في الميزان التجاري مع بعض البلدان اضافة للبطالة.غير ان العديد من المحللين الاقتصاديين يشيرون الى ان مانتج عن التضخم والركود الاقتصادي العالمي من تداعيات على مختلف الاقتصاديات المتقدمة لم يكن وليد اللحظة ، ولم يكن ناتجاً عن انعكاسات النمو السكاني الذي يشهده العالم، بل كان نتيجة حتمية لأثار ومخلفات الحروب والنزاعات وحالة عدم الاستقرار السائدة في مناطق عديدة من العالم.فالحروب تمثل دماراً وهلاكاً للبعض وخلاصاً للبعض الاخر، ومن المفارقات القول بان الاقتصاد الامريكي لايزال تحت تأثير حرب فيتنام التي خاضتها الولايات المتحدة الامريكية في عقد الستينات من القرن الماضي واستمرت زهاء 10 سنوت وكلفتها خسائر مادية باهظة بالاضافة الى خسائر بشرية قدرت باكثر من 54 الف جندي امريكي ( مابين قتيل وجريح) ، ونتيجة لعجز الاقتصاد الامريكي عن تحمل الاعباء الباهظة للحرب قرر الرئيس الامريكي نيكسون فك ارتباط الدولار بالذهب عام 1971م.وعقب قرار الرئيس الامريكي نيكسون وما افرزته تداعيات النزاعات الدولية بين العرب واسرائيل من طفرة ارتفاع اسعار النفط العالمية عقب حرب اكتوبر 1973م، والتي استخدم فيها العرب النفط كورقة ضغط سياسي ، وهو ما أسهم في دخول الاقتصاد العالمي والامريكي تحديداً مرحلة التضخم والركود.انور احمد عبدالله السويديمدير ادارة التخطيط بالمجلس الوطني للسكان
انعكاسات ا لنمو ا لسكاني في العالم فيما وراء البحار
أخبار متعلقة