ابراهام ماسلو (Abraham Maslow) عالم نفس أمريكي ولد في نيويورك في عام 1908م وتوفي في عام 1970م. وله مؤلفات عديدة في مجال فهم الشخصية الإنسانية وأساليب ادارتها وتحفيزها، ومن هذه المؤلفات يمكن الإشارة الى كتابه (التحفيز والشخصية – Motivation and Personality) وكتابه حول فهم أعماق الشخصية الإنسانية بعنوان ( التوغل في أعماق الطبيعة البشرية – The Farther Reaches of Human Nature).
هرم ماسو للاحتياجات الإنسانية:
خلص ماسلو في تجاربه النفسية الى وضع احتياجات الفرد ضمن تراتبية تبدأ من الاحتياجات الضرورية الى الاستمرار في العيش والبقاء على قيد الحياة (قاعدة الهرم) الى الاحتياجات النفسية المتعلقة بتحقيق الذات (قمة الهرم) واطلق على ذلك اسم (هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية – Maslow’s Hierarchy of Needs).
تتضمن قاعدة الهرم الاحتياجات الإنسانية الضرورية للبقاء على قيد الحياة مثل الماء والهواء والغذاء (الاحتياجات الفسيولوجية)، تليها الاحتياجات المرتبطة بتوفير الأمان الجسدي الشخصي والعائلي. وعندما يتوفر للإنسان مقومات العيش والبقاء والأمان يبدأ في التفكير لتلبية احتياجاته الاجتماعية كالحب والعطف وتكوين اسرة وما الى ذلك من احتياجات في إطار المجتمع، يلي ذلك نزوع الشخص الى الحصول على مكانة مرموقة في المجتمع من خلال تلبية احتياجات تقدير المجتمع له تليها تلبية احتياجاته في تقدير ذاته ومكانته في المجتمع من خلال نجاحاته في مختلف مناشط الحياة الإنسانية وهذه الاحتياجات تحتل قمة هرم ماسلو.
تطبيق هرم ماسلو في مجال التعليم:
من ضمن اهداف العملية التعليمية والتربوية في أي مجتمع هو هدف تكوين شخصية الفرد وتنمية مهاراته وخبراته ليتمكن من تلبية احتياجاته الإنسانية وتطوير ذاته ليصبح مواطنا منتجا وفاعلا في مجتمعه.
وبالنظر الى المستوى الأول من هرم ماسلو سيكون ضروريا على القائمين بالعملية التعليمية والتربوية الاهتمام بالحالة الصحية الجسمانية للطلاب من خلال الاهتمام بصحتهم البدنية وتغذيتهم وتهيئتهم للتعليم. ويمكن أن يتحقق هذا الاهتمام من خلال توفير الوجبة الغذائية للطلاب والاهتمام بالرياضة وتوفير الرعاية الصحية الأولية في المدارس.
وفي المستوى الثاني يجب على إدارة التعليم الاهتمام بتوفير بيئة تعليمية آمنة للطلاب والمدرسين على حد سواء، ويمكن ان يتحقق ذلك من خلال منع استخدام أي شكل من أشكال العنف أو القوة في المدارس، وهذا يعني منع اللجوء الى العقاب كوسيلة للتربية أو استخدام العصا كأداة من أدوات التعليم في الفصول الدراسية. ان تحقيق بيئة آمنة في المدارس هو شرط ضروري لنجاح التعليم وتحقيق فرص أكبر للطالب للاستفادة من العملية التعليمية في تكوين شخصيته ومهاراته. وكما يعلم التربويون أن شرط توفير البيئة التعليمية الآمنة في المدارس هو أساس العملية التعليمية والتربوية التي يسودها الاحترام والتقدير والتشجيع والثقة والطمأنينة والعلاقة الإيجابية بين المدرس والطالب والإدارة المدرسية، ولن تتحقق هذه البيئة المنشودة في ظل استمرار العنف والميل نحو العقوبات النفسية والجسدية والتنمر والتعنيف للطلاب التي مازالت تمارس للأسف الشديد في بعض المدارس.
وفي المستوى الثالث من هرم ماسلو يبرز دور المجتمع وأهميته في العملية التعليمية، وغالبا ما يشار الى هذا الدور بدور “الشركاء - Stakeholders “ الذين لهم مصلحة في نجاح العملية التعليمية بدءا من المدرسين والإدارة المدرسية الى الآباء والامهات والاسرة كاملة، بالإضافة الى إدارات التربية ورجال الاعمال والحكومة بأكملها. الجميع له مصلحة في مخرجات العملية التعليمية سواء كانت مصلحة مباشرة (كالطالب واسرته) أو غير مباشرة (كالمجتمع بصورة عامة). لهذا فإن التكوين الاجتماعي النفساني والعاطفي السليم للطالب يساعد كثيرا على نجاح تعليمه. ان تلبية الاحتياجات الاجتماعية تتطلب تعاونا وثيقا بين البيت والمدرسة، ويجب على إدارات التعليم الاهتمام بدور الاسرة في دعم التعليم وذلك من خلال دعم التواصل بين المدرس واسرة الطالب، ونشر التوعية حول أساليب التربية التي تساعد الآباء والامهات على المشاركة الواعية في العملية التعليمية وتفاعلهم الإيجابي مع المدرسة.
وفي المستويات الأعلى من هرم ماسلو تبرز أهمية الحاجة الى تقدير المجتمع للمدرسة وشعور الطالب والمدرس بهذا التقدير لأنه حاجة إنسانية دافعة للمزيد من العطاء والابداع. وعندما يتحقق سلم الاحتياجات الإنسانية سيكون بإمكان الطالب تلبية حاجته كانسان فاعل في المجتمع يحظى بتقدير عالٍ لذاته وشخصيته وامكانياته في أي موقع كان في المجتمع.
والخلاصة ان فهم مستويات الاحتياجات الإنسانية كما اوضحها هرم ماسلو يمكن ان يساعد التربويين في التفكير العملي في الكيفية التي يمكن من خلالها تهيئة البيئة التعليمية لتستجيب لاحتياجات الطالب وسبل تعزيز دور الشركاء في المجتمع في إنجاح العملية التعليمية.