معركتنا الاقتصادية
في خضم المعركة السياسية التي انبرى لها فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي منذ أن تسلم زمام السلطة في ظل أجواء الأزمة السياسية التي أفضت في الأخير إلى التسوية السياسية ممثلة بالمبادرة الخليجية، كانت المسألة الاقتصادية مغيبة تماماً عن برامج القوى السياسية بمختلف أطرافها، رغم أنها الانعكاس الحقيقي والطبيعي لما مرت به اليمن من عثرات وأزمات. وكثيراً ما كانت القيادة ممثلة بفخامة الرئيس تطرح هذه المسألة في دعوات متكررة لفخامته بأن على القوى السياسية والمجتمعية أن تضع أمامها الوضع الاقتصادي كأولوية في معالجة مشكلات الوطن، لأنها تمس المواطن بصورة مباشرة وتؤثر في مسار تطور العملية السياسية باعتبارها المحك العملي لإنجاحها. وعلى الرغم من القيام بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها اليمن خلال أكثر من عقد في أكثر من حكومة سابقة إلا إن هذه الإصلاحات لم تصل إلى مرحلة المعالجة الجادة للاختلالات في المجال الاقتصادي والتجاري والمالي لأسباب عدة لعل أهمها تغول الفساد واستشراؤه وعدم التمكن من تحجيم هذا الغول الذي قيد الاقتصاد ويهدده بالفشل. واليوم وفي ظل العملية السياسية الناجحة التي يقودها فخامة الرئيس هادي في محاولة خلق اصطفاف وطني واسع لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وقيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان، تنبري من جديد المعضلة الاقتصادية التي وصلت حسب تعبير فخامته إلى (مرحلة حرجة) تتطلب من الجميع تحمل المسؤولية لمعالجة هذا الاختلال في ميزان الاقتصاد الوطني. وليست قرارات الحكومة بإجراء الإصلاحات الاقتصادية والمتمثلة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية إلا دليلاً على أن القيادة السياسية والحكومة أصبحت اليوم في مواجهة مع مشكلات حقيقية تواجه الوطن وتنذر بعواقب وخيمة تهدد مستقبله ومستقبل العملية السياسية برمتها. إن المعركة الاقتصادية يجب أن يخوضها الجميع بروح تكافلية وبعيداً عن المناكفات السياسية، وعلى الجميع حكومة وقوى سياسية البحث عن حلول وإصلاحات جذرية تساعد على تخطي ما تعانيه البلاد من مشكلات اقتصادية، وتكاتف الجهود في جعل المعركة الاقتصادية ضد الفساد والاختلالات المالية والسيطرة على عجز الموازنة العامة في حدودها الآمنة أمراً لا يقل أهمية عن الإصلاحات السياسية التي تجري في الوطن. فالاقتصاد هو معيار نجاح الخروج من عنق زجاجة الأزمة وطوق النجاة للوطن وعلى الجميع تحمل مسؤولية مواجهة هذا الخيار الصعب.