استطلاع/ محمد علي الجنيد[c1]انطلاقة أولى[/c]لأننا أحببنا صنعاء ورضينا العيش فيها.. تكون دائماً البدء والانطلاق بالرحيل منها.. من مدينة سام حملنا مجاديفنا وزوارقنا وأدوات الصيد المختلفة وتركنا كل ما نحمله في قلوبنا من حياة المدينة الجوفاء.. وانطلقنا غرباً.. متجهين على سيارة “بيجو” من أعالي الجبال قاصدين السهل.. والساحل.. والبحر.بعد أن قرأنا دعاء السفر، انطلقت السيارة من رأس جبل (عصر)، غرب صنعاء حيث طريق صنعاء - الحديدة مودعين صنعاء الحبيبة في صباح جميل.. الشمس مازالت تغط في نوم عميق.. والساكنون أيضاً.. إلا من لديه أعمال باكرة، من رأس جبل عصر..بدت صنعاء كفتاة جميلة هادئة ليست كما نحس بها ونحن نتحرك في شوارعها.. إنها الآن شيء آخر.. شي جميل جداً.. لا أستطيع وصفه.. فمن أراد أن يعشق صنعاء أكثر عليه أن ينظر إليها من بعيد في صباح باكر أو مساء معتدل الجو. غادرناها تاركين حياتنا وأشياءنا الكثيرة في جوفها، ولأن منظرها صباحاً والطل يداعب المنازل مكوناً عليها غطاءً من قطرات الماء المعلقة فوق المدينة لا تكتشفها إلا أشعة الشمس، عندما تنثر شعاعها الذهبي عليها فتتلألأ حبات الطل، وتبدو كجوهرة تنفستها المدينة.انطلقت السيارة مسرعة، وفي بطنها تسعة ركاب، الجميع قاصدين الحديدة، ونحن اثنان منهم، الكل ذاهب لقضاء غرض في نفسه، وكل راكب خياله ليس معه، إن يسرح في سماء أحلامه.. وكل شخص من المغادرين يحمل في جوفه قلباً يخفق حباً.ما يريد.. قد يكون هذا القلب محباً لمحبوبته، وقد يكون حزيناً يتجرع الخوف كؤوساً والفرح قطرات.. وقد يكون ضائقاً أضيق من خرم الإبرة.. وأوسع من سماء الأرض.. لحظات واختفت عن ناظرنا صنعاء وعمائرها، لاشيء يشغل بالنا غير الوصول إلى مدينة السحر والجمال.. عروسة البحر الأحمر..والتجول في شوارعها ومعانقة بحرها المالح وبحارتها الطيبين.[c1]رؤية وإرادة[/c]مازال أوبريت “يمن العرب” خالداً في الذاكرة للرائع الجميل/ علي حسن بكارة والدكتور علاء الدين المعاضدي وغناء الفنانين العمالقة : عبدالله رشاد، إيهاب توفيق،علي الحجار، لطفي بوشناق، محمد عمر، فؤاد الكبسي، أروى ورويدا رياض.«يمن العرب» تميز إبداعي لامس الوجدان.. الطموح، النجاح، الإنجاز، التميز مفردات وجدت في عروس البحر الأحمر، كونها طموحات نابعة من فكر ورؤية وإرادة قائد يمسي على التفكير والتخطيط ويصبح على البحر الأحمر، كونها طموحات نابعة من فكر ورؤية وإرادة قائد يمسي على التفكير والتخطيط ويصبح على التنفيذ والإنجاز أنه الفذ/ علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية، في ليلة حالمة وعلى نغمات أغنية أوبريت “يمن العرب” ارتدت العروس ثوب الفرح الوحدوي، وغنت كما لم تغن من قبل.. أجل.. إنها بارقة كبيرة من الأمل، تشع علينا ربيعاً بالغ الخصوصية تنبع زهوره من بين صخور الملح وبقايا المحار.. في عروس البحر الأحمر يتداخل الزمن فتبقى لمسات الماضي وسط زحام الحاضر عراقة لا تذوب.. الأرض عريقة والناس رحب.[c1]ليس كل الحب قاتلاً!![/c]بعضه فقط هو الذي يفتك.. يصرع.. يميت.. يذيب.. ينخر المتيم بالهوى ويشنق العاشق المحب الولهان.. الحب ليس امرأة فقط.. ربما يموت الواحد حباً في أشياء أخرى.. فقد نحب مدينة مثلاً حتى الثمالة والجنون- فيلقينا الحب الصادق صرعى غرام عذب.. وضحايا عشق خالص نقي مع حبيبة غالية.ها هي الحديدة المتفردة بالبهاء والغناء.. التاريخ والحضارة.. الأصالة والمعاصرة.. العلم والعلماء عبدا لله غدوة.. إبراهيم صادق.. يوسف الشحاري.. عبده علي بورجي.. الأشاعر.. الجبرتي.. ابن غازل.. الزبيدي.. الضحي والقناوص والزيدية.. الزهرة واللحية والمنيرة.. الدريهمي والتحيتا والخوخة.. كمران والصليف.. وبرع وجبل راس وباجل والحجيلة.. الجراحي والمنصورية والسخنة.. والحوك الحالي الميناء تلك مدن تشع بالضياء الآسر.. عطاء لا ينضب.. بين ثناياها سطور الملاحم الوطنية والتاريخية.. ومع امتزاجات وجه البحر وتقاسيم سعفات النخيل الباسقات في سماء الدريهمي والسويق.. وتتصافح فيها مآذن زبيد مع اضاءات وجوه مشرقة اكتسبت لونها من عناقيد التمر والبلح.. حتى البحر والسماء.. السهول.. القوارب.. الصيادين.. الغروب.. النخيل والعصافير كلها تداخلت ألوان في إطار برواز واحد.. لوحة واحدة مساحة واحدة.. اسم واحد.. سيمفونية خالدة مطلعها ومنتهاها.. مفردة وحيدة.. كلمة فريدة.. تتوزع مقامات ألحانها الطروية بتنوع بديع ضمن جملة وعزف موسيقي رائع التقاسيم.. ما بين الألف واللام والحاء والدال والياء والدال والهاء... إنها الحديدة.[c1]الجمال المفخح!![/c]إنجازات تحاكي طبيعة المحافظة كما يقولون.. وشاطئ طويل باهر بزرقته، كأنه الحلم حين يدهش مفاجأة الإبحار في الغامض حين يكتسي سحر أو غرابة.. سيمفونية الجمال والفن وقصيدة إخلاص رائعة بلاد الطيبين والقلوب البيضاء.. المدينة السمراء.. مدينة التسامح والطيبة والجود والخلق العظيم.. بلاد الله المتشحة بالروحانية، تتجلى في أبهى صورها المشرقة وهي ترتدي المآذن وتتحزم بالأضرحة، وتحمل بين راحتيها جوامع عامرة بالصلاة.. ويبقى الأمل بسعف النخيل المشرئب.. وتشرب الريح وتهذي “الرطب” والحناء والفل.. أشياء أخرى، أرواح فاتنة وأنفاس مغرية ووجوه تزداد جمالاً وروعة!!الجمال المفخح، يعانق مزايا النخيل، وشواطئ الطائف - غليفقة - الغازة - العرج - الدريهمي - أبوزهر - موشج - الغويرق - الخوخة شواطئ ومدن ساحرة لا يمكن تفسير السحر، هذه المدن إما أن تقبلك أو ترفضك.. مدن لا تعرف سوى الحب.. أسطورة صنعت نفسها بمقومات نادرة كامنة في تكوينها.تبقى مدن الخوخة - الدريهمي - المنيرة - كمران - الزهرة - الغازة - السخنة - بيت الفقيه بحاجة إلى مزيد من الجهود والرعاية والاهتمام الرسمي.. وتمثل لوحة فنية بديعة لجمال الطبيعة الساحر للألباب.. وها هو ابنها الموسيقار الكبير الفنان أحمد فتحي يغني عنها قائلاً :في الحديدة الوديعةطاب عيشي والمقامذقت معنى الحب فيهاذقت معنى الانسجاميا عروس البحر الأحمريا حياتي يا حديدةشطك بالخير يزخريا حياتي يا حديدةمن كلمات الشاعر/ عبد اللطيف شوكت.. وصدق الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي حين قال :تعشقها سمراء يحلو حديثهاوما فيه من لحن لكل سميعرمتني بسهم رائش هو نظرةفاصمت فؤادي وهو بين ضلوعيسمراء في مقلتيها السحر مستتروالسحر إن كان حقاً فهو في المقل عند تحديقك في مفاتنها - ستعشقها بلا تردد، وستعاقر كل طقوس الحب والجمال معها دون مواربة، وستغرق فيها دون تعميه وستغرز أصابعك في حيطانها كي ترتد إليك ذهباً خالصاً، ويتلألأ نشيدها الأبدي في مجامع حواسك، وأنت ترقص رقصة “الفرساني” في مشهد جمالي رائع.[c1]سجادة خضراء.. وأباريق ماء!![/c]قرابة 2.161.379 نسمة حسب تعداد 2004م يسكنون ثلاث مناطق - المرتفعات الجبلية الخضراء جبال برع بارتفاع 2000 متر فوق سطح البحر، وجبل رأس بارتفاع 1200 متر، المنطقة الثانية السهول الزراعية والوديان الخصبة الممتدة على طول الساحل، وأشهرها وادي مور ووادي زبيد ووادي رماح وسهام وسرور وتمثل مصدراً لنمو 60% من الإنتاج الزراعي والحيواني على مستوى البلاد.. وأشهر المنتجات الزراعية في هذه المنطقة..الموز - المانجو - الباباي - القطن - الذرة الشامية - السمسم ويصدر منها إلى الدول المجاورة، وهذه الوديان تصب بمياهها في البحر معلنة ولاءها لهذا الملك الجليل.المنطقة الثالثة شواطئ البحر الأحمر المتفرقة في أبو زهر والنخيلة واللحية والعنبرة وغيرها الكثير من الشواطئ التي تعتبر مرتعاً للطيور واستراحة الصيادين.. والحديدة تنقسم إدارياً إلى 26 مديرية وبها الكثير من الجزر ضمن أرخبيلات كبيرة، وتعتبر جزيرة كمران أكبر الجزر اليمنية وجزيرتا حنيش وزقر هما أهم جزر أرخبيل حنيش ويعود بداية ظهورها إلى القرن السابع الميلادي كميناء تجاري ومحطة استراحة وبها 20 مركزاً سمكياً منها 5 مراكز رئيسية و 15 ثانوية الوزارة بصدد إعادة تأهيل هذه المراكز السمكية تزود البلاد بما يزيد عن 40% من الاحتياجات المحلية وتصدر 10% وربما أكثر حيث تم تصدير 6613 طناً لدول عربية وآسيوية.[c1]تراث وتاريخ.. ولكن![/c]يقول جون بولدري أن مدينة الحديدة ظهرت في العهد الرسولي وتحديداً عام 797م أي نهاية القرن الثامن الهجري.وسبق لنا أن تحدثنا عن قلاع عروس البحر الأحمر كشواهد حية على شموخ الماضي وهوان الحاضر فهناك 37 قلعة وحصناً عريقاً عصارة أفكار الأجداد و 33 قلعة أثرية تندب حظها بسبب الإهمال وكشفنا عن دهشة اللقاء ومتعة ما تحمله العروس من جمال وروعة ودهشة.وفي الحديدة مدن أثرية وتاريخية نسجت ملامح التاريخ.. وزرانيق اقتحموا مبنى الأمم المتحدة.. ثمة مقولة هامة لمؤرخ اليمن الكبير القاضي العلامة محمد بن علي الأكوع رحمه الله - مفادها إن “الحديدة” أحد أعمدة انتصار ثورة 1962م الأستاذ الكبير أحمد محمد النعمان رحمه الله - فيقول عن هذه المحافظة المنكوبة في وثائقها وتاريخها وتراثها ومدنها التاريخية بأنها “مرآة اليمن” فهل يا ترى حقاً بأنها مرآة اليمن أم مرآة أمام بعض الفاسدين والظلمة.هناك الكثير من الحقائق والوثائق والشواهد التي تؤكد المكانة والدور التاريخي والسياسي والنضالي والبطولي الذي خاضته هذه المحافظة في مقارعة الظلم والقهر والجبروت الإمامي وانتصار ثورة 26 سبتمبر 1926م ولكن الحديدة اليوم تواجه صنوفاً من الإهمال والتدمير والسرقة والإحراق والتهريب للذاكرة الوطنية لهذه المحافظة منذ الستينيات، وأمام هذا الواقع المحزن تبرز العديد من التساؤلات المشروعة.ونحن بدورنا نتساءل متى يتم جمع وتوثيق أشتات الذاكرة الوطنية المبعثرة والمهملة في العديد من مديريات محافظة وحفظها في مركز للوثائق في العاصمة، وما هو مصير الوثائق الكثيرة للإدارة العثمانية والحكم الإمامي ووثائق السنوات الأولى للثورة التي كانت مكدسة في مخازن بيت الشيخ الماجد عبدا لله بن محمد البوني التهامي رحمه الله - والذي كان يعرف أيضاً بقصر البوني والمقام الإمامي؟!من هو المسؤول عن إحراق ملفات ووثائق الفساد في أرشيف نيابة الأموال العامة في الحديدة؟!ما هي نتائج التحقيقات الأمنية في قضية نهب مخطوطات مديرية بيت الفقيه؟![c1]عزيمة الزرانيق!![/c]مدينة الترف العلمي.. بيت الفقيه، بعلمائها ومخطوطاتها العلمية ومعالمها التاريخية فيها الجامع الكبير ويعود للعام 950هـ.. وإن شاء الله نحاول في تناول قادم كشف أسرارها العابقة ببخور المساجد الناصعة البياض كعمائم علمائها.. ونبش رفات التاريخ بحثاً عن أصل وتاريخ مدينة الترف العلمي..فرقة الزرانيق للرقص الشعبي بمدينة بيت الفقيه يقودها ثلاثة عمالقة (الفتيني قويط وعمر مسيك والهيبة) هؤلاء مازالوا أقوياء الجسم والعزيمة.وبحسب الرواية التي رواها.. “الفتيني قويط” في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة (بريطانيا) وغيرها وأيضاً في بريطانيا قال كنا نرقص ليل نهار وجاءت امرأة جميلة مثل القمر تتعجب علينا وإحنا في الفندق والأجانب علينا من كل محل وبعدين قال لي واحد من المغتربين اليمنيين يازرانيق ابقوا هنا هنا الناس كلها أعجبت برقصكم حتى الأميرة ديانا حضرت الحفل حق الليلة وبعدين قابلناها وتكلمت بالإنجليزية بس المترجم قال الأميرة ديانا تقول : الرقص الزرنوقي أجمل رقص في العالم”.الأميرة ديانا أعجبت برقصهم.. وأضاف عمر مسيك قائلاً : أيوا عجبها رقصنا وقشعت علينا والشريط موجود ولما رجعنا أهمل الزرانيق إهمالاً كبيراً واليوم مازلنا نطالب ولازم نأخذ حقنا وتعجب الناس كلها رقصنا داخل اليمن وخارجه.وتفيد بعض المعلومات والمصادر بأن الأميرة ديانا أعجبت برقص الزرانيق وكانت تطلب من الجهات إرسال هذه الفرقة إلى بريطانيا في المهرجانات لكن الجهات ووزارة الثقافة والإعلام تتجاهل هذه الفرقة عمداً وأكد عبد الوهاب الوصابي رئيس الفرقة بأن الفرقة رقصت في مقر مجلس الأمم المتحدة، هناك اليوم أكثر من 20 زرنوقاً من الشباب.. فالزرانيق أحلامهم فنونهم ورقصاتهم الزرنوقية أذهلت العالم فهل يحقق أحلامهم في هذه الأيام الوزير المفلحي؟![c1]دهشة.. وتواصل!![/c]وتبقى بيوت تهامة القشية توقف السياح لحظات تأمل وترسم على وجوههم أكثر من علامة تعجب.. أنامل مبدعة تختصر عناصر الجمال في لمسات بسيطة وخفيفة بطرق تقليدية وغير مكلفة.. بساطة الإدهاش وفنتازيا البناء ذو نكهة ساحلية فريدة في هندسته وإبداعه المثير.بيوت تهامة.. دافئة كابتسامة أهلها.. وسبق أن تناولناها.. ومنتهى السفر.. الماضي العريق الحاضر المتطور.. عالم متعدد الألوان والأذواق.. رحلة الدهشة في عروس البحر الأحمر.. ومن أبرز أعلام التوثيق في الحديدة بحسب قول الأستاذ/ عبد الباري طاهر - كالمؤرخ إسماعيل بن محمد بن أبي القاسم الوشلي - رحمه الله- القاضي العلامة/ أحمد عثمان مطير - رحمه الله - الوثائقي المؤرخ عبد الرحمن الحضرمي - رحمه الله - الوثائقي الأستاذ/ عبد الباري طاهر الوثائقي الأستاذ/ أحمد جابر عفيف - الوثائقي/ أبو القصب الشلال - الباحث الوثائقي/ محمد سالم شجاب/ الباحث الوثائقي عرفات عبد الرحمن الحضرمي - الباحث الوثائقي عبدا لله الرديني - رحمه الله - الوثائقي الدكتور قاسم بريه. الوثائقي الأستاذ/ سعيد الجريك - الباحث الوثائقي/ عبدالله العمري - الباحث الوثائقي/ جابر علي أحمد - الشيخ المناضل/ يحيى منصر شيخ قبيلة الزرانيق - الباحث الوثائقي/ شرف غالب لقمان - الباحث الوثائقي/ فؤاد إبراهيم الحلة - الباحث الوثائقي/ فاتك الرديني - الأستاذ الوثائقي/ عبد الرحمن الأهدل - رحمه الله - الوثائقي والمؤرخ/ محمد بن عبد الباري وهناك وثائقيون ومؤرخون وباحثون كثيرون من محافظة الحديدة.[c1]التواصل والإبداع [/c]نسمات بحرية تدفئ القلوب، ورمال ناعمة تحتضن الأقدام، نوارس بيضاء تباشر بالعطاء ومواويل البحارة تموسق الفضاء .. أصغت أذني للرمل تسمع أغنياتها وغمرت جسدي في عروق الماء برشف ثرثراته .. كان هناك ثمة خيط بين البحارة وتلاطم أمواج البحر وارتفعت الأيدي السمراء بالدعاء اللهم اجعلها سقيا رحمة لا سقيا عذاب وانجينا بأمان .. مسافات هائلة وأمواج تتلاطم .. ولكن تبقى نشوة مشوبة بالرهبة حيث يجد المرء نفسه في هذا المجال الخلاب .. ورغم الإقصاء والتهميش والحرمان لشواطئ “الدريهمي ـ الخوخة ـ الغازة ، العرج” إلا أنها تبقى.ولكن يبقى الجميل والرائع ذلك الحراك الثقافي الدائم بديمومة الحياة للمثقف المجتهد العملاق محمد الدهني الذي سعى جاهداً لميلاد حركة ثقافية مستمرة في ظل غياب أو شلل ثقافي تعانيه المحافظة رغم وجود المثقفين والأدباء والشعراء والباحثين وغيرهم حيث أوجد كيان ثقافي مميز، منتدى الدهني للثقافة والفنون، مازالت فعالياته مستمدة من خلال دورته الفصلية دورة الفقيد عبدالعزيز نصر .. جاء المنتدى بهدف خلق وعي حضاري ثقافي تسوده المعرفة ويغذيه الإبداع قائماً على الحوار والتسامح مع الحفاظ على الهوية الثقافية.فإن الأدباء والشعراء والكتاب والمثقفين يحلمون بصباح يرسمون ابتساماتهم على شفتيه، ومساء حر يبثون فيه مشاعر الحب وهمسات الصبابة .. وصحافة تنشر إبداعاتهم بلا مقص رقيب، واتحاد لا يمارس الوصاية الأدبية عليهم، ووطن ينصت لآلامهم ويقدر آمالهم، فإن هؤلاء الشريحة المثقفة ترفض الحياة في مقبرة “الإهمال القصدي”، لإبداعاتهم، ومقبرة “الإقصاء المؤسسي المنظم” الذي تمارسه عليهم مجموعة من المؤسسات الثقافية الأدبية، فهل منتدى الدهني قادر على إقامة فعاليات بعيداً عن ديوان القات ـ ينظم أمسية شعرية مطعم الشيباني بالمطراق، وعصرية قصصية أمام جمعية اللجنة الوطنية للمرأة جوار المؤسسة الاقتصادية في مقبرة الصبالية، عصرية شعرية وقصصية على كورنيش يوسف الشحاري، قراءة الفاتحة على روح اتحاد الأدباء والكتاب ومكتب الثقافة بالحديدة في مقبرة شهداء مصر وغيرها من الفعاليات والأنشطة.متمنياً لمنتدى الدهني للثقافة والفنون وللمبدعين والأدباء وغيرهم ألا يكون حضورهم موسمياً وان يستمروا في التعبير عن أنفسهم وإلا تكون أفعالهم مجرد ظاهرة صوتية .. أن المستقبل ملك للجميع وبالخصوص أولئك الذين تستمد حالة حضورهم بإيقاع متصاعد.[c1]إلى لقاء آخر[/c]وتبقى عروس البحر الأحمر ذات المساحة (13479) كيلو متراً مربعاً موزعة على 26 مديرية .. وهناك مدن تاريخية بارزة كمدينة زبيد والمراوعة واللحية وحيس، وأخرى سيادية كالدريهمي الخوخة ـ اللحية ـ كمران ـ الصليف وغيرها.وصدق الشاعر محمد مهدي الذهب حين قال:جمال الكون قد حزتيه مجتمعاًفكيف يئن من جهدٍ ومن تعبفأنت السحر أخاذاً مجامعناوأنت الحسن فواقاً بلا سبب الحديدة .. مدينة بديعة الطبيعة والروح .. آيات الشجن وروحانية السماء .. أسماء بلا حصر .. يجيء ليلها فلا تنام ولا تنام ليلة رحيلها عنها .. والصحو فيها يغري بالتنقل بين جنباتها ـ وحيثما كنا كان البحر يعانق اليابسة كجزء من العناق اليمني الكبير بين البر والبحر .. مدن جمعت كل صنوف مفاتن الجمال وأخرى تميزت بمزايا وخصائص جمالية بديعة .. تبقى تاريخاً وفنوناً وعطاء لا ينضب وتلك جوانب من مميزات وخصائص المدن التهامية.وفي الصباح الباكر استيقظنا وحملنا كل ما اصطدناه في عقولنا وكل ما احتوته عيوننا وودعنا البحر والمدينة .. لحظات من الصمت قضيناها على شاطئ البحر مودعين .. عدنا من الطريق نفسها التي حملتنا إلى الحديدة .. وعدنا وكل منا سارح بخياله ولكن ليس للمستقبل كما سرحنا ونحن ذاهبون إلى الحديدة .. بل استرجاع إلى الماضي القريب .. مافي الأمس في منطقة أسموها الحديدة .. استرجاع للبارحة التي كانت أشبه بحلم داعبنا مساء لنفيق من حلمنا ونحن على مشارف صنعاء من رأس عصر.صنعاء لقد عدنا إليك .. ولكن ليس كما رحلنا منك .. وتحول حلمنا من استرجاع للماضي القريب للحديدة .. إلى استذكار للنفر السلتة المنتظر في شميلة برفقة الزملاء أياد الموسمي وزياد حسين البسارة./ محمد علي الجنيدالحديدة.. (قبلة) الهدوء وركن الجمال المميزة بناسها الطيبين وأهلها المسالمين.. تمتلك لذة السعادة وطعم الاشتياق وأنت تكتب عنها من أجلك أنت.. الحديدة (البحر).. السهل.. الجبل.. الإنسان.. الأرض.. جميعها تنصهر في بوتقة الجمال، شجن خلاق يبدأ عند ناسها بمتعة فضاء النهار كل في أموره.في الحديدة.. لا شيء غير البحر والشاطئ والنوارس.. ثلاثي الحياة هناك وثلاثي الحب والجمال.. يقولون حين تسترخي فوق مقعد على الشاطئ حاول أن تظل عيونك تتهادى فوق المياه ذات الأمواج الناعمة اللطيفة، ثم عليك أن تنتبه أن ذلك لن يستمر طويلاً.. دعك من العواصف والأعاصير وعيون حبيبتك.نعم ودعك أنت من ضجيج الروح وضجيج المدينة وأحلام “نوال” البلهاء.. دعك من كل شيء أجبرتك الحياة على الامتزاج به.. وعش قليلاً مع ذلك الكائن أمامك، مع البحر موطن البحارة وسماء الطيور.. أيها البحر.. جد علينا قليلاً برذاذك المبعثر على شاطئك لا شيء نملكه كي نعطيك إياه غير نبضات قلوبنا فهل ترضى بذلك؟!