حياكة المعاوز .. صناعة يمنية تواجهها أزمات خانقة بين المستورد وشحة إمكانات المنافسة
استطلاع / نبيلة السيد - تصوير / عبدالواحد سيف تعتبر صناعة المعاوز حرفة يدوية تتطلب المهارة والدقة في حياكتها .. والمعاوز زي تراثي لسكان اليمن .. وفي منطقة المحاريق تقام هذه الصناعة وتمتاز هذه المنطقة بأنها منطقة ترابية وسكانها أناس طيبون بسطاء يقسمون من منازلهم أجزاء لجعلها مشاغل لهذه الحرفة التي تعتبر حرفة آبائهم وأجدادهم .. صحيفة 14 أكتوبر تسلط الضوء على هذه الحرفة.. فإلى التفاصيل ... في أحد المشاغل كان هناك مجموعة من الشباب العاملين يجلسون على الآلات الخشبية وكان يخيم عليهم حينها الصمت ،يعملون بإتقان ومهارة ولا تسمع سوى طقطقة هذه الآلات مع حركة أرجلهم وأيديهم في حياكة المعاوز... وهناك التقينا بصاحب المشغل الأخ عبدالحافظ عبده مرشد الذي أفادنا حول هذه الصناعة قائلاً :- [c1]المهنة أصعب من الأمس [/c]صناعة المعاوز يدوية كما تشاهدون وقد أصبحت اليوم أصعب غير الأمس فكل شيء قد ارتفع سعره والسوق ضعيفة مع الغلاء لان أكثر الناس أصبحوا غير قادرين على شراء المعاوز .[c1]المعوز اللحجي أغلى من الحضرمي [/c]نحن نبيع المعاوز بسعر والسوق يشتري ويبيع بسعر آخر وطبعاً البيع يكون على النقشات مثل المعاوز الحضرمي تباع بألفين ريال أو ألفين وخمسمائة ريال للمعوز الواحد أما المعاوز اللحجي فسعرها مرتفع لان نقشاتها صعبة ومتعبة. [c1]ارتفاع سعر الخيوط [/c]والخيوط ارتفعت أسعارها الآن في شهر رجب أزيد فقبل فترة كنت اشتري ( الجُد) بثلاثة آلاف وخمسمائة ريال أما الآن فقد بلغ سعر ( الجُد) أربعة آلاف وثلاثمائة وخمسين ريالاً وهذه العجلة (الجُد) نحيك بها سبعة عشر أو ثمانية عشر معوزاً ... وبعد ذلك يأتي ( الجُد) للنقشات ويحتاج إلى أربع حبات ( جُد ملون)من اجل هذه النقشات والحبة (الجُد) سعرها ألف وثمانمائة ريال .. ظروفنا صعبة جداً فأنا في بعض الأحيان أضحي براتبي من اجل تزويد المشغل بالمواد اللازمة لان عندي أولاد إلى جانب أولاد أختي وهو من خريجي الثانوية العامة بلا عمل لذا أنا أساعدهم حتى تتوافر لهم صنعة في أيديهم تملأ وقت فراغهم بدلا من الجلوس في الشوارع عاطلين عن العمل .وفي ما يتعلق بقرار مجلس الوزراء لمواجهة المستورد من الصين فإننا نرى انه لابد من تفعيله وتطبيقه بشكل صارم لحماية صناعتنا المحلية التي تحد من البطالة أما العمل فهو يحتاج إلى سيولة وأنا كله (دين) خرج من غير دخل..[c1]مواسم البيع[/c]ولكن لدينا الآن مواسم في رمضان والعيد الكبير وفي هاتين المناسبتين يكون هناك دخل في عمل المعاوز.. أي بالأصح من بداية شعبان يكون فيه الشغل كثير أما بقية الأشهر فسواء اشتغل العمال أو لم يشتغلوا فهذا أمر عادي لان السوق لا يوجد فيها طلب.. والعامل كلما اشتغل زادت قيمة استهلاك (الجُد) ومصاريفهم في بعض الأحيان!فمثلاً إذا انجزلي في الأسبوع ستة معاوز أو سبعة معاوز خير كبير والعاملون عندي تسعة أفراد كل يوم للواحد منهم مصروف من أربعمائة ريال أو خمسمائة ريال المجموع حقهم أربعة آلاف وخمسمائة ريال يومياً ويوم الخميس يأتي العامل ويطلب حقه من الشغل طيلة الأسبوع بحيث يكون مبلغ الواحد من العمال ستة آلاف أو سبعة آلاف ريال فما إجمالي المبلغ لتسعة عمال؟ .[c1]أبيع بقيمة الشغل [/c]وأنا في كثير من الأحيان أحاول أن أبيع المعوز بقيمة الشغل حقهم .. لذا لا توجد لدي فائدة وأظل متأزماً والعاملون يريدون مصاريفهم لأنه إذا لم ادفع حقهم سيتركون العمل ويذهبون للعمل عند ناس آخرين لذا أنا مضطر أن أدبر لهم هذه المصاريف حتى يبقى هؤلاء العاملين معنا في موسم المعاوز...فهناك أماكن أخرى بعضهم أغلقوا أماكنهم واضطروا للعمل في المواسم فقط لأن بعض الشباب العاملين يقول أنا مابا جلس بلا عمل باروح اشتغل في الحديد لأن عمل المعاوز ما فيش وحركة السوق واقفة!!ولكن قبل خمس سنوات ما شاء الله كان الشغل كثير والطلب على المعاوز كبير جداً..[c1]سوق الحراج[/c]فمثلاً في سوق الحراج كنت أعطي المفرشين عشرة معاوز لكل مفرش حتى يصل الدخل في اليوم الواحد إلى عشرين ألف ريال..أما الآن لا نبيع حتى بثلاثة آلاف ريال وحتى إذا بعنا بها فهل هي مصاريف العمال أو مصاريف أسرتي.هذا المكان الذي أعمل فيه هو جزء من سكني وهو ملك لي بعد والدي من أيام بريطانيا...والصعوبات كثيرة منها .[c1]المنافسة الخارجية[/c]المنتجات الخارجية التي أصبحت منافسة لنا في السوق وأصبحت تعرقل علينا بيع المعاوز مثل المعاوز التي تأتي من الصين وبعض الدول الأخرى وهذا أثر على إنتاجنا المحلي..الصناعة اليدوية هي الأفضل من الصناعة الخارجية وشكلها أفضل...[c1]لست كسباناً[/c]ومن الصعوبات الأخرى هي الإقبال على المعاوز الخارجية أكثر لأن المعاوز المحلية تكون أغلى لأنها عمل يدوي متعب ولأن أجرة العامل وثمن الخيوط تكون أكثر فأين الفائدة؟ هذا والله ليس بقدر تعبنا والمكان ملك لي فكيف إذا كان إيجاراً!! لست كسباناً لأني اتحصل على مائتي ريال فقط من كل معوز.. وأحياناً أستدين حتى يسير العمل!!وفي مشغل آخر لحياكة المعاوز التقينا بالأخ فارع سعيد محمد وهو صاحب مشغل صغير أيضاً الذي قال:هذا المكان يعتبر مشغلاً وهو جزء من مسكني أقوم بحياكة هذه المعاوز لأن صناعة المعاوز تعتبر المهنة التي ورثنها من أبي- رحمه الله- وهو الذي علمني هذه الصنعة وأنا أمارسها منذ عشرين عاماً.. والمشغل يحتوي على هذه الآلات الخشبية التي صنعتها بيدي أما عدد العاملين فهم ستة أفراد من الشباب يقومون بالحياكة أما أنا فقد تعبت وسني الآن لا يسمح بتحريك الآلة برجلي..لذا أشرف عليهم وأوفر المستلزمات من خيوط وأشياء أخرى..فصناعة المعاوز مهنة شاقة ومتعبة تحتاج إلى الصبر والتركيز من ناحية النقشات لأن كل معوز يحتاج إلى نقشات متنوعة ومختلفة عن المعوز الآخر..والصعوبات كثيرة أولاً من ناحية ارتفاع أسعار الخيوط بين الحين والآخر إلى جانب أجرة العاملين فهم يتحصلون عليها أسبوعياً وحسب الكمية التي يتم حياكتها إلى جانب المصرفات اليومية فهم شباب كثيرو الطلبات..أما بيع المعاوز فأنا أبيع المعوز الواحد بقيمة ألفين أو ألفين وخمسمائة ريال للمشتري صاحب السوق وصاحب السوق يبيعها بثلاثة آلاف وخمسمائة ريال بفائدة ألف ريال على المعوز الواحد أما فائدتي فهي قليلة ما بين ثلاثمائة ريال على المعوز الواحد..خسارة بدون فائدة ولكن ماذا أعمل هذه مهنة آبائنا وأوصونا بعدم تركها..[c1]توفير السيولة[/c]ومن العمل اليدوي إلى العمل بالصناعة الكهربائية اتجهنا إلى المؤسسة اليمنية للصناعات النسيجية بمنطقة المنصورة والتقينا بالأخ المدير العام علي السيد الذي أفادنا عن صناعة المعاوز بقوله:كانت المؤسسة اليمنية للصناعات النسيجية (الغزل والنسيج) تنتج قبل فترة معاوز بكافة الأشكال و لكن للأسف توقف العمل منذ ثلاثة أشهر وذلك بسبب عدم توفير السيولة والأيدي العاملة..فالمصنع بحاجة إلى سيولة حتى يقف مرة أخرى وينتج فأنا حاولت ولا زلت أحاول حتى الآن مع الجهات المختصة واتعشم خيراً إن شاء الله بأن أجد بصيص أمل لإعادة أهليته لأنه يعتبر عماداً من أعمدة اقتصادنا الوطني...أما الآن فالمصنع لا ينتج إلا منتوجاً واحداً وهو قماش الأكفان فقط.