*تميّزت السنوات من 1936 إلى 1939م بالمحاولات المتكررة التي بذلها العراق لضم الكويت *عام 1913م كان الاتفاق بين بريطانيا وتركية لترسيم الحدود بين الكويت والعراقعرض : نجمي عبد المجيد مؤلف هذا الكتاب هو الباحث عبد الرحمن محمد النعيمي صادر عن المركز العربي الجديد للطباعة والنشر - بيروت الطبعة الأولى عام 1992م، أما فصول الكتاب فهي مقسمة على الموضوعات الآتية :الفصل الأول : أهمية المنطقة.الفصل الثاني : الصراع الأمريكي على الخليج.الفصل الثالث : النزاع العربي - الفارسي.الفصل الرابع : النزاع العربي - العربي في الشأن الخليجي.خاتمة.الملاحق.يشكل هذا الكتاب بما حوى من معلومات وقضايا متصلة بالصراع على الخليج العربي، إحد المصادر المهمة في معرفة مراحل وأحداث تاريخية ورؤية مستقبلية لهذه المنطقة وفي هذا العرض نختار بعضًا من هذه القراءات السياسية لمنطقة الخليج العربي والتي تجعلنا ندرك أبعاد المسافات الفاصلة بين الموقع الجغرافي وصناعة القرار السياسي.الحرب العراقية الإيرانية وتصاعد الحضور العسكري الأمريكيفي هذا الجانب يطرح مؤلف الكتاب عدة معلومات حول فترة الحرب العراقية - الإيرانية وما أفرزت من تحديات وتساؤلات على المستوى المحلي والدولي وفي المقدمة منها أمريكا والتي تتواجد في المنطقة حسب قول وزير البحرية الأمريكي في عهد ريغان لمجلة "وول ستريت جورنال" على أنّها تنتمي إلى الخليج الفارسي، ومن جملة التحديات التي تواجهها المنطقة يحدد الكاتب هذه النقاط.1 - المخاطر الجديدة التي تهدد الإنتاج النفطي الخليجي وطرق إمداداته، وحرية الملاحة في الخليج عمومًا ومضيق هرمز على وجه الخصوص.2 - حجم الوجود العسكري الأمريكي والأطلسي المطلوب لحماية المصالح الغربية، واستثمار هذه المخاطر لصالح الولايات المتحدة.3 - التنسيق الأمريكي الأطلسي المطلوب مع دول المنطقة عسكريًا وسياسيًا.وفي الأسبوع الأول للحرب العراقية - الإيرانية، وجهت إدارة كارتر دعوة إلى ست دول صناعية وهي بريطانيا وفرنسا وكندا واليابان وألمانيا وإيرلندا لبحث مسألة ضمان السيطرة على مضيق هرمز والإقلال من الآثار الاقتصادية للنزاع على طرق الملاحة الدولية وأسواق البترول العالمية، وعلى ضوء تلك الأحداث فقد أصدرت الإدارة الأمريكية أوامرها إلى قطعها الحربية - البحرية المتواجدة في منطقة المحيط الهندي بالتجمع أمام مدخل الخليج، ومن تلك القطع، حاملة الطائرات ميدواي والتي كانت ترافقها خمس سفن حراسة وكذلك حاملة الطائرات إيزنهاور، يرافقها طرادان ومدمرة مزودة بالصواريخ وأيضًا سفينة دعم، وقد قالت صحيفة واشنطن بوست على هذا الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي :"إنّ الولايات المتحدة قد أحرزت نقلة هادئة لكنها هائلة في سياستها الخارجية، وذلك يعني استعدادها للدخول في معارك من أجل الحفاظ على مصادر النفط".تلك كانت النقلة الكبرى والأولى في الحضور الواسع للقوات العسكرية الأمريكية وفي وسط ذلك الصراع بين إيران والعراق كرر الرئيس كارتر تهديداته وأوضح، بأنّ القوة العسكرية الأمريكية جاهزة للتدخل من أجل بقاء مضيق هرمز مفتوحًا وكان ما يشغله هو أن يتصاعد ذلك النزاع ويتجاوز إيران والعراق وتدخل في دائرته وتتورط فيه دول أخرى في منطقة الخليج العربي.كانت كل التقارير الصادرة عن البيت الأبيض تشير إلى أنّ أمريكا لا تريد خروج إيران منتصرة من الحرب، وفي الوقت ذاته لا تريد ظهور العراق كقوةٍ مهمةٍ في المنطقة وتعارض قيام دولة قوية في منطقة الخليج العربي يمكن أن تشكل تهديدًا للدول المصدرة للنفط وتفرض إرادتها على المنطقة، وفي تقرير آخر جاء فيه عن القوة العسكرية في المنطقة :"إنّ إمكانية بروز العراق كقوةٍ عسكرية مهيمنة على شبه الجزيرة العربية يشكل تهديدًا محتملاً وتحديًا عسكريًا واضحًا لمصالح الولايات المتحدة في الخليج، واحتمال وقوع هجوم عراقي على الكويت أو العربية السعودية احتمال يستحق اهتمامًا للأسباب الآتية :1- كان هذا الاحتمال واردًا حتى قبل الحرب العراقية الإيرانية ومؤثرًا على التخطيط للقوات الأمريكية اللازمة لمواجهة احتمالات خارج دائرة اختصاص حلف شمال الأطلسي.2- القوات المسلحة العراقية ذات التسليح السوفيتي هي الأكبر بين القوات المسلحة لدول الخليج وتتفوق على قوات العربية السعودية والكويت وعُمان واليمنين الشمالي والجنوبي وقطر والإمارات... وأهم من هذا، فإنّ القوات البرية العراقية تملك من قوة النيران والحركة التكتيكية ما يفوق كثيرًا ما لدى القوات الأمريكية البرية التي يمكن نشرها في شبه الجزيرة العربية.3 -حقول النفط الرئيسة في الكويت والسعودية قريبة نسبيًا من الحدود الجنوبية العراقية."العراق الموقع الجغرافي والمواجهة التاريخيةشكّل الخليج العربي بامتداده العراقي، الحد الفاصل بين منطقتين قوميتين، عربية وفارسية ومن الطبيعي أن يظهر النزاع على مناطق الحدود في حالة وجود أهمية لها، ويُعد النزاع العراقي - الكويتي من أسباب المواجهة التاريخية التي تصنعها المواقع الجغرافية، ففي عام 1913م، كان الاتفاق بين بريطانيا وتركية لترسيم الحدود بين الكويت والعراق، وفي عام 1922م رسمت اتفاقية العقير الحدود بين الكويت والعراق، وقد تميّزت السنوات من عام 1936م حتى عام 1939م بالمحاولات المتكررة التي كان يبذلها العراق لضم الكويت، وقد جاء في رسالةٍ من السفير البريطاني في العراق إلى وزارة خارجية بلاده حيث قال فيها :"إنّ البصرة لا تصلح لكي تكون ميناءً مهمًا للعراق وأنّ أعضاء الحكومة العراقية يطالبون بضم الكويت إلى العراق، ولذا لابد من التوصل إلى اتفاقية مع الكويت من شأنها إطلاق مخرج للتجارة العراقية إلى الخليج."سعت الحكومة العراقية في سنوات ما قبل الحرب العالمية الثانية "1939 - 1945" إلى الاستفادة من حالة التذمر والمعارضة التي ظهرت ضد حكام الكويت "آل صباح" في عام 1938م، وتبنت مطالب الحركة المعارضة في الكويت ودافعت عنها من إذاعة قصر الزهور والصحف العراقية ونشطت حركة "رابطة عرب الخليج" والتي جعلت من البصرة مقرًا لإقامتها، وطالبت بضم الكويت إلى العراق وقام وزير خارجية العراق بتقديم طلب إلى حكومة بريطانية لهذا الغرض عام 1937م، وتواصلت الدعاية العراقية لضم الكويت وأعلنت إذاعة بغداد في شهر مارس عام 1939م "بأنّ المجلس التشريعي في الكويت كان قد أعلن قبل حله ضم الكويت إلى العراق بأغلبية الأصوات وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت."بعد مقتل ملك العراق "الملك غازي" عام 1939م سكنت الأحداث على هذه الجبهة ولم تُعد تلك الأزمة إلى الواجهة إلا عام 1961م عندما أعلن الرئيس العراقي الفريق أول عبد الكريم قاسم والذي حكم العراق من عام 1958 حتى مقتله في إنقلاب عسكري عام 1963م الذي قال :"إننا سنمد حدود العراق إلى جنوب الكويت.. وأنّ أمير الكويت هو حاكم محافظة الكويت".وعلى وقع تلك التهديدات التي أطلقها العراق تجاه الكويت أرسلت بريطانيا بقوات عسكرية إلى الكويت كان عددها 2500 جندي، وذلك بموجب اتفاقية التعاون والصداقة الموقعة بينهما عام 1961م، وبعد الإنقلاب الذي قاده حزب البعث في العراق بتاريخ 8 فبراير 1963م، هدأت الأمور من جديد وتمّ التوقيع على اتفاقية 1963م، والتي اعترف العراق من خلالها باستقلال الكويت وسيادة أراضيه، ولكن في عام 1971م، انفجر النزاع على الحدود من جديد بينهما، حيث تمتد حقول الرميلة إلى الأراضي الكويتية، وكان العراق يسعى لتطوير موانئه على الخليج العربي والحصول على جزيرتي وربة وبوبيان اللتين تغلقان الخليج في وجه الملاحة العراقية، وأقدمت القوات العراقية على احتلال مركز الصامتة الكويتي وجزء من أراضي الكويت الواقعة بالقرب من ميناء أم القصر وفي تاريخ 25 يوليو عام 1973م أبلغ العراق الأمين العام للجامعة العربية بسحب اعترافه باتفاقية 1963م وطالب بعقد اجتماع عراقي - كويتي في أي عاصمة عربية لبحث مسألة ترسيم الحدود بينهما، وقد شكلت لجنة عراقية - كويتية في عام 1977م لبحث ما يمكن تقريره في هذا الموضوع.النزاع العربي - الفارسي هل الخليج فارسي أم عربي؟عن هذا التعريف يقول الكاتب عبد الرحمن محمد النعيمي :(سؤال لم يكن مطروحًا للمناقشة قبل الخمسينيات، فقد كانت تسميته "الخليج الفارسي" متداولة لدى الجميع، منذ أن أطلق عليه القائد اليوناني، نيارخوس، هذه التسمية أثناء حملة الإسكندر المقدوني إلى الهند، دون أن يعني ذلك شيئًا في الحركة السياسية، تمامًا كما هو المحيط الهندي أو بحر العرب أو بحر الصين أو غيره من الخلجان والبحار التي أخذت أسماء متعددة حسب أهمية البلد أو المدينة أو الميناء أو ما يشبه ذلك، أطلقت على الخليج تسميات عدة منها خليج البحرين وخليج البصرة، كما أطلق البابليون عليه تسمية بحر الشمس المشرقة أو البحر المُر العربي.وكان الرئيس جمال عبد الناصر أول من أطلق عليه تسمية الخليج العربي في مجرى صراعه ضد شاه إيران الذي اتخذ موقفًا عدائيًا من الحركة القومية العربية ونسج عَلاقات حميمة مع الكيان الصهيوني، وبريطانيا والولايات المتحدة، وبالتالي اتخذت التسمية بعدها السياسي منذ ذلك التاريخ.تمتد مسافات الحدود بين الأمتين من العراق إلى عُمان وهي حدود بحرية - نهرية بين العراق وإيران. وحدود بحرية بين إيران ودول الخليج العربي، وعبر التاريخ القديم لم تكن قضية الحدود واضحة المعالم بين إيران والعراق وحتى في العصر الإسلامي، حتى جاءت الدولة الصفوية في عام 1501م، وبعدها الدولة العثمانية والتي احتلت بغداد عام 1534م، والبصرة في عام 1538م، وقد خضع الخليج العربي لعدة سيطرات متعاقبة من قبل عدة دول أوروبية مثل البرتغال وبريطانيا منذ عام 1450م تحت شعار تأمين الطرق البحرية إلى الهند، وكانت بداية النزاع حول هذا المكان عند اكتشاف النفط في مطلع القرن الماضي.في عام 1823م حدثت خلافات حول المحمرة، وسيطرت الدولة الفارسية على المنطقة الجنوبية مما دفع ببريطانيا وروسيا لحل الخلاف بينهما، وفي تاريخ 14 أبريل عام 1847م أمكن التوصل إلى اتفاقية أرضروم وتضمنت تنازلات متبادلة على النحو الآتي :( المادة 2 - تتعهد الحكومة الإيرانية بأن تترك للدولة العثمانية جميع الأراضي المنخفضة - أي الأراضي الكائنة في القسم الغربي من منطقة زاب.وتتعهد الحكومة العثمانية بأن تترك للحكومة الإيرانية القسم الشرقي - أي جميع الأراضي الجبلية - من المنطقة المذكورة، بما في ذلك وادي كرند وتتنازل الحكومة الإيرانية عن مالها من إدعاءات في مدينة السليمانية ومنطقتها... وتعترف الحكومة العثمانية بصورةٍ رسمية بسيادة الحكومة الإيرانية التامة على مدينة المحمرة ومينائها وجزيرة حضر والمرسي والأراضي الواقعة على الضفة الشرقية من شط العرب التي تحت تصرف عشائر معترف بها، بأنّها تابعة لإيران.وفضلاً عن ذلك فللمراكب الإيرانية حق الملاحة في شط العرب بملء الحرية.)النزاع على الحدود البحريةكان النزاع على الحدود البحرية قائمًا بين إيران ودول الخليج العربي حول بعض الجزر خاصة الواقعة على مدخل مضيق هرمز، وهناك عشرات من الجزر غير آهلة ظهرت أهميتها بعد ذلك وقد تمكنت إيران من السيطرة على عددٍ من الجزر.فقد احتلت جزيرة لنجة عام 1887م.وفي عام 1925م استولت على جزيرة صيري التابعة لإمارة الشارقة.وأستولت عام 1949م على جزيرة هنجام.وتواصلت المطالب الإيرانية بحقها جزر البحرين من عام 1820م حتى عام 1970م، وبرزت أهمية العديد من الجزر الواقعة في الخليج العربي بالذات بعد اكتشاف النفط في المواقع البحرية، واتضح أنّه بالإضافة إلى كميات المخزون النفطي في أراضي هذه الدول والقريب بشكل خاص من حدود إيران والعراق، فهناك كثير من الآبار النفطية الإيرانية تقع في مياه الخليج العربي ويمتد ساحل إيران 1300 كيلو متر من شط العرب حتى مضيق هرمز، وعلى هذا فإنّ قضية حرية الملاحة وتأمين ملاحة المضيق والحدود البحرية تكتسب حالة خاصة وأهمية كبرى مع الاكتشافات النفطية، ومنذ المدة الزمنية الواقعة من ستينيات القرن الماضي حتى السبعينيات منه، جرت عدة محاولات لترسيم الجرف القاري وتحديد ملكية الجزر، وتمت تسوية كثير من هذه القضايا في ذلك الوقت بالطرق السلمية ما عدا قضية جزر طمب الكبرى وطمب الصغرى وأبو موسى فقد أصرت إيران على الاستيلاء على الجزيرة الأولى والثانية التابعتين لإمارة رأس الخيمة بالقوة المسلحة عام 1971م.الصراع على الخليج العربييقول مؤلف الكتاب حول هذا الموضوع :(سيبقى الصراع على منطقة الخليج مفتوحًا لسببين أساسيين :يتعلق الأول بالموقع الجغرافي الخارج عن الزمان.فهذه المنطقة المتوسطة في العالم تتحكم في خطوط المواصلات العالمية، وتشكل حلقة وصل رئيسة بين الشرق والغرب، وإذا أخذناها ببعدها القومي العربي؛ فإنّها تشكل أيضًا حلقة وصل بين الشمال والجنوب من العالم القديم.ويتعلق الثاني بالثروة النفطية الكبيرة التي تختزنها، وكون النفط مادة إستراتيجية تتزايد أهميتها يومًا بعد يوم لجميع دول العالم وخاصة الدول الصناعية.)
أخبار متعلقة