صباح الخير
اليوم "الاثنين" يجب أن لايكون عادياً في لبنان، بحسب الشحذ السياسي وحشد الخيارات كلها باتجاه الحسم كيفما تأتى اليوم. ربما يكون له مابعده في هذا البلد العربي المكبل بالطوائف والأحزاب.. والزعماء.الأحجية اللبنانية لم تقل كل غموضها بعد.. وقد تذهب بعيداً في التعقيد مع انعقاد محتمل لجلسة نيابية مرتقبة موعدها اليوم، يفترض أن تكون حاسمة لجهة تسمية الرئيس المقبل بعد تأجيل طال الجلسة ذاتها ثماني مرات على أمل التوافق بين أشقاء الوطن وفرقاء السياسة والأحزاب.ثمانية تأجيلات وثمان فرص ذهبت كلها في مهب فشل أسس له الفرقاء اشتراطات الممانعة والرفض. إفشال النفس بسخاء غير محمود كان خياراً أولياً لجأ إليه فرقاء الأزمة اللبنانية مع كل تأجيل وفرصة سنحت منذ غربت ولاية الرئيس السابق، وترجل اميل لحود عن صهوة قصر "بعبدا" قبل حوالي الشهر من الساعة.خلال أيام خلت بدا وكأن العقدة في طريقها إلى الانحلال.. لاح في أفق الأزمة أمل توافق مع صعود اسم العماد ميشيل سليمان قائد الجيش كخيار يلتقي عليه الأضداد. إلا أن السراب يحل سريعاً محل الأمل.. في المشهد السياسي اللبناني الفاصل الحلو والقصير انقشع سريعاً عن مرارة تملأ الحلوق وتغطي الأفق.عاد التأزم سيداً مطلقاً في مشهد سياسي يتنازعه السادة من كل نوع ومقاسم، وهو يتجه إلى هاوية حسم منفرد، أو هكذا يراد لجلسة اليوم أن تنعقد وأن تمضي بها الأكثرية حتى آخر الشوط المتعثر على حاله. في تحول محفوف بالمجهول.. قد يفضي إلى مجاهل شتى، محفوفة بالخطايا والأخطار."ديفيد وولش" مساعد وزيرة خارجية الولايات المتحدة كان يستنهض لغة الصراحة بالأمس في بيروت، التي وصلها السيد الأمريكي مجدداً بعد انقضاء المهلة الوحيدة الممنوحة للرئيس الفرنسي الجديد والمتحمس "نيكولاي ساركوزي"دون حصيلة مفيدة تحسب لباريس ورجلها الأول في الملف اللبناني، ما استدعى عودة واشنطن إلى بيروت بقوة وعجلة لم يبخل وولش على نفسه في استعراضهما وهو يشدد على نواب الأكثرية وجوب الحضور في جلسة اليوم الاثنين المرتقبة لعمل اللازم وانتخاب الرئيس، وهو الأمر الذي يقتضي تعديلاً في الدستور لاتزال قوى المعارضة تضع دون إنجازه شروطاً لإنجاز تسوية سياسية شاملة.قد يعني هذا أن واشنطن حسمت خياراتها وقررت بالنيابة عن اللبنانيين ما يجب عمله، أو ربما هو نوع من التحذير والتلويح بالعصى الغليظة في وجه الطرف الآخر (قوى 8 آذار) المعارضة، طمعاً في تليين المواقف وتقديم تنازلات لابد من دفعها للخروج من هذا المشكل ودوامة الاستحقاق المعطل.جلسة اليوم قد تكشف ماخفي وربما كان لبنان على مفترق طرق لا أحد يعلم أيها يسلك؟ ولا إلى أين تؤدي؟ فهل بيروت على موعد مع رئيس، أم رؤساء (..)الخارجيون والقوى الخارجية هم الحاضرون واللاعبون والمتفاوضون في الشأن والأزمة اللبنانية أكثر من الفرقاء اللبنانيين. ولهذا تعطلت الحياة الدستورية والسياسية، وعجزت ديمقراطية البلد العربي، الأول والأقدم من حيث الديمقراطية، أن تولد حلولاً ديمقراطية من أي نوع. وهكذا تفعل الممانعة والمغامرة الحزبية بالأوطان!قلوبنا مع بيروت، اليوم أكثر من أي يوم آخر.. وعقولنا لاتزال تطمع من عقلاء "الدبكة" السياسية والطائفية في لبنان بتحكيم العقل وتغليب الوطن على الطائفة والحزب والمذهب و... المجهول.ثمة صوت لفيروز، يحلق في سماء بلد أحب وأقرب إلى النفوس والقلوب، ويردد بعذوبة "الليطاني" وشموخ "الأرز": "بحبك يالبنان".فهل يهتف الفرقاء البيروتيون بحب لبنان ويغنون مع "فيروز"؟ أم يذهبون إلى نزفٍ ليس يعصم فيه أحد من النزيف؟!