بغداد/متابعات:بات أطفال العراق يشكلون أحد أوجه المأساة التي خلفتها الحروب المتتالية في البلاد منذ عقود عدة، حيث تظهر تداعيات الحروب ومآسيها واضحة في سلوك الأطفال وأنماط حياتهم.ويمكن رصد التحول في سلوكيات واتجاهات الأطفال من خلال أنشطتهم والألعاب المفضلة لديهم, حيث باتت دائرة الحرب هي الأقرب لتطلعاتهم وأفكارهم، فالبندقية ونقاط التفتيش وساحات المواجهة المسلحة لعب أساسية لدى أطفال العراق هذه الأيام.ولا يفلح الحاج نعمة مثلا في منع ولده الصغير عمار (9 سنوات) من شراء لعبته المفضلة وهي البندقية الأميركية «إم 60». يقول الأب إنه حاول إغراء ولده بالعديد من البدائل مثل السيارة والقطار وكرة القدم، غير أن خياراته داخل محل الألعاب كانت تدور بين الدبابة والبندقية والمسدس.. رفض بإصرار أن يشتري لعبة من خارج دائرة الحرب».أما الصغير عمار فقال ضاحكا «ليش أنا ما اشتري بندقية .. عماد عنده بندقية وسيف عنده مسدس وخالد عنده بندقية كلاشينكوف .. أنا معاهم أنصير عصابة ونلعب واحد يهجم على الآخر».ولتفسير ذلك يذهب الدكتور علاء جاسم المتخصص بالطب النفسي إلى صعوبة فك الارتباط مع مخلفات تلك الحروب بسهولة, ويشير إلى أن لون اللباس العسكري المنتشر في جميع إرجاء العراق والانتشار الواسع للعسكر في جميع المدن ترك آثاره على الأطفال.من جهته يقول منذر عبد الستار مدير إحدى المدارس الابتدائية وسط بغداد إن معظم مشاكل الطلاب في المراحل الأولى تتمثل بالخوف من التفجير لأي سبب. ويشير إلى أن هذه المظاهر ترافق الطالب منذ لحظة خروجه من المنزل حتى عودته.في منطقة الغدير جنوب بغداد تعود الأطفال على إقامة نقاط تفتيش وهمية فيما بينهم، حيث يشهرون بنادقهم البلاستيكية الصينية الصنع على أي طفل يدخل الحي من الخارج ويقومون بسلب نقوده أو ضربه إذا لم يهرع احد الكبار لنجدته في الحال.يقول الحاج خلف رشيد (74 سنة) من منطقة شارع فلسطين في الضاحية الشرقية من العاصمة إن القوات الأميركية تقوم دائما بإطلاق النار لتفريق حملة البنادق الصغار, ويشير إلى أن بعضا من هؤلاء الأطفال ربما قتل على يد القوات الأميركية. في هذا الصدد أيضا يقول حسن خصاف الذي يقوم بتهيئة ألعاب الأطفال خلال الأعياد إن «الأطفال يأتون دائما ومعهم بنادقهم.. يصعد الطفل إلى الأرجوحة وهو يحمل البندقية ويشعر وهو يضع سلاحه البلاستيكي إلى جانبه أنه رجل شجاع».ويلقي عراقيون آخرون باللائمة على الحكومة العراقية, فيذهب فاخر محمد إلى أن فتح الاستيراد يعد سببا في المشكلة, ويتهم الشركات المتخصصة بصناعة هذه اللعب وتصديرها إلى العراق بفعل ذلك عن عمد لأهداف يصفها بالخبيثة.
أخبار متعلقة