بساطة الفلاح وتلقائية القرية ووداعة المدينة .. صفات مجتمعة كنت أجدها في زميلي الراحل العزيز المصور الصحفي علي محمد فارع، إذ كثيرا ما كان يتملكني شعور او هو يقين بحضرته من أني امام سليقة وبساطة ذلك البدوي النقي الإنسان المفطور بسجايا الخلق والاخلاق وذات التواضع، فعلى الرغم من ان فقيدنا علي محمد فارع كان قد غادر مرتفعات قريته (الاعبوس) في زمن مبكر من حياته سعياً منه نحو سبل ومناخات عيش أفضل له ولأسرته أو مايوفر لهم الحد الادنى من الضروريات.إلا أن القرية بشخوصها واحجارها ونبع مائها وعطر قهوتها وجهيش حولها بل بوجوه الامهات المكللة رؤوسهن بتيجان غار المشاقر .. وانبعاث شذى رائحة الطهي الشهية كل تلك كانت تفاصيل حاضرة بل مقيمة في ذات هذا الزميل الراحل .. وبذات الوجد والعشق اخذته شواطئ المدينة التي حفظ كامل تفاصيلها وأسرته تفاصيلها الخلابة.فبماذا أعلل سر ذلك الحضور الكثيف المتميز لهذا الزميل الذي رحل .. هل ببساطة روحه أم بتلقائيته الرائعة؟دون شك هي كل هذا وذاك .. هي العشرة وروح التآلف الإنسانية عوامل تزيدها رهافة الحس اتقادا ورقة الذات احتداما حتى تطلق ما تزخر به في محيطها حتى انها إثر الرحيل أعني روح الانسان الشفافة .. ؤثر الرحيل تعلن عن حضورها من خلال ذكراها العطرة العالقة في سماء ذاكرة الاحياء.فهنا عند سلالم المبنى (الاكتوبري كانت تطالعنا عند اشراقة كل صباح طلة الزميل علي فارع في محراب عطاء امتد لما يقارب ثلاثة عقود من الزمن ظل فيها قريبا من كل أصدقائه ومحبيه.كثيرا ما لازمتنا روحه وعدسته في مهام عملنا الصحفية اليومية كان وبحق صديقا لايمل صادقا في أحاسيسه مفرطا في تواضعه حافظا للود .. ودودا الى درجة تخال فيها كم هو نقي وبسيط ومهذب وتلقائي ومتسامح.فهل حقا غادرتنا ايها الزميل الرائع!..أخشى ان يمثل رحيلك آخر الوجوه الطيبة التي عرفناها .. من جيل هو اقرب في سجاياه وتلقائيته الى الصفات التي نحبها ونستأنسها فيمن نشاطرهم حياة العمل التي تحتل جزءاً غير يسير من نسبة اعمارنا.فكم بعث رحيلك المباغت .. وهناً في ذاتنا نحن الاحياء .. بعد ان طالت سهام الغدر ومباغتاته معظم افراد تلك الاسرة الصحفية الاكتوبرية .. فكم انت قاس ايها القدر .. وكم هي مفجعة مباغتتات الموت التي لايعلم ساعتها الا الباري.فوداعا أيها الزميل علي .. بعد رحلة عطاء كنت خلالها تمد نكهة الحرف وقوة العبارة بدعامات لقطات الصور الموحية .. التي ظللت تبثها كل ماضي ثنايا انسانيتك من نقاء وصفاء وصدق وعاطفة.فلأهلك وذويك ومحبيك الصبر والسلوان..إنا لله وإنا إليه راجعون..
أخبار متعلقة