صباح الخير
رحيل الزميل علي فارع عن دنيانا الصاخبة بصمت عن عمر سلخ معظمه في بلاط صاحبة الجلالة، بل قضى آخر ساعات عمره فيه قد اوجعنا كثيرا. ففي لحظة كان قد ودع زملاء المهنة في اسرة اكتوبر عائدا الى اسرته التي كانت بانتظاره حاملا في جعبته بعض العلاجات للزوجة المريضة وبعض محتاجات الصغار اختطفه الموت اثناء رحلة العودة الى البيت ليحدث نكبة لأسرته ولأسرة عمله.مع (علي) سلخت أكثر من عشرين عاما من عمري الصحفي .. وكان بطبيعته رجلا بسيطا، جل همه أسرته وعمله .. تاركا لدي ودوما انطباعا عن الزوج المحب الذي كان في خلواته معي يتحدث عن همه بمرض زوجته وعلاجها وعن ابنائه وسعيه الحثيث لتأهيلهم بالحاقهم بالجامعة، فكان مثال الأب المتفاني الساعي لخلق جيل متعلم لخدمة هذا البلد .. كنت القبه في أحاديثي معه بالمداعبة (بالشاقي).لأن علي فارع وبطبيعته لايستقر ولايهدأ .. طوال يومه يحمل الكاميرا في مهمة صحفية بصحبة هذه الزميلة أو ذاك الزميل ولدى عودته يتحرك هنا وهناك في خدمة زملائه ولايرد طلبا لأحد منا. هكذا عرفناه ولذلك أحببناه.ومعرفتي بعلي فارع كأنسان قبل أن ألتحق باكتوبر قد سبقت، عندما كنت صغيرة .. كان (علي) ينقب عن طريق له في الحياة شأنه شأن أي انسان، ففي إحدى الليالي الصيفية في لحج، وبينما الاسرة على وشك النوم، احس والدي بوجود ثعبان في البيت، وكان رحمه الله مريضا وتعالت أصوات أسرتي، وبالصدفة كان علي فارع في مقتبل عمره على صلة بوالدي إذ كان يتعلم مهنة التصوير في الاستديو المقابل لمنزلنا، فما كان منه إلا الإغاثة فدخل المنزل ليلتها بصحبة زميل له وقتلوا الثعبان.علي فارع رحمه الله كان يعرف أفراد أسرتي من خلال علاقته بوالدي ثم شاءت الحياة ان ينتقل إلى الشيخ عثمان للعمل في أحد استوديوهاتها، وظل على صلة بالأسرة ودائما بعد التحاقي باكتوبر يحملني السلام اليهم.رحل زميلي علي فارع ليترك أثرا بالغا في أعماقي فيه من الأسى والحزن لفراقه وإحساس عظيم الاحترام تجاه شخصه المكافح الدؤوب لكسب لقمة العيش بشرف له ولاسرته ومثابرته وكفاحه من أجل تعليم أولاده .. رغم بساطته وتواضعه ينتمى إلى تلك الشريحة المكافحة في الحياة من أجل البقاء والتواصل بشرف ليرحل ويترك بصماته كأب عظيم وزميل حنون يفيض حنانه وعطفه على الجميع.رحمه الله واسكنه فسيح جناته وجعل قبره روضة من رياض الجنة والهمنا نحن أسرة العمل وأسرته الصبر والسلوان.إنا لله وإنا إليه راجعون..