إعداد / محمد أحمد الدبعي :لا جدال في أن من بين الآباء والأمهات من ينظر إلى الإصابة بشلل الأطفال وما تسببه من إعاقة أنها مسألة مستبعدة ما دام أطفاله من حوله أصحاء معافين وبكامل قواهم، لا يشكون من شيء.. فيتهاون في تحصينهم – على أهميته – ولا يلقى له بالا.وإنها لنظرة قاصرة بعيدة كل البعد عن واقعنا، لكنها قد تثني البعض عن تحصين أطفاله ببعض أو بكامل الجرعات دون النظر إلى خطورة الشلل ومدى إثاره المدمرة المشوهة والمفضية إلى الإعاقة الحركية.والسؤال الموجه إليهم .. ما عسى أحدهم أن يفعل لو أصيب طفله بالمرض؟ وهل سيكون حينها قادراً على دفع الضرر ومنع الإعاقة عنه؟وواقع الحال يفرض أن نهتم بالجانبين معاً.. بالتحصين الروتيني وبحملات التحصين ضد شلل الأطفال، بصرف النظر عما إذا كان الطفل تحصن مراراً في السابق أم لا. فما لجأت إليه وزارة الصحة العامة والسكان لإقامة هذه الحملات، وما دعت إليه المنظمات العاملة في مجال الصحة، وفي طليعتها منظمة الصحة العالمية، الا لبعد التحصين الروتيني المعتاد عن تحقيق نتائج مرضية تغني عن اللجوء إلى الحملات وتكرار تنفيذها.إنها لحسرة في النفس والقلوب إن حل هذا المصير بأحد أبناء المتهاونين العنيدين والمانعين أطفالهم من التطعيم. كذلك من يكتفون بتأمين جرعة فقط أو جرعتين أو ثلاث جرعات دون الاستمرار في إعطاء فلذات أكبادهم المستهدفين المزيد منها عند كل حملة تحصين.فكلا الأمرين مر، سواء منع الطفل أساساً من تلقي الجرعات الواقية من شلل الأطفال أو اكتفى بإعطائه القليل دون مواصلة أخذ المزيد منها أثناء الحملات، بما يتيح لفيروس المرض فرصة العيش في البيئة بهناء ومعاودة تهديد فلذات الأكباد.وليس هذا فحسب، فالتقصير أو رفض التحصين معناه ارتفاع نسبة وفيات الأطفال في بلادنا وتزايد عدد حالات الإعاقات والتشوهات وتردي أوضاع الصحة بشكل سيء وخطير.فكفى المنقادين وراء الأقاويل المشوهة للتحصين انقياداً لشائعات هي في حقيقتها محض افتراءات جائرة غرضها النيل من حاضر ومستقبل أطفالنا وتدمير عافيتهم بترك أجسادهم منالا للإعاقة والعجز. وحقيقة من غير اللائق غض الطرف عن الحارمين أطفالهم التطعيم مهما قل وضؤل عددهم، فبإعراضهم هذا يضعون عراقيل وصعوبات أمام الجهود الرامية إلى القضاء على فيروس شلل الأطفال في بلادنا، وبذلك يمثلون عامل خطورة وحجر عثرة أمام تأمين الصحة والسلامة للأجيال ونقاء وصفاء بيئتنا من دنس فيروس الشلل البشع، بإتاحتهم الفرصة لاحتضانه وسبل التمكين له من الانتشار وطيب العيش في أرضنا وبيئتنا.وإذا ما تعرض أطفالهم للإصابة بفيروس الشلل ونالهم منه مكروه.. سيكونون بالطبع الجناة الحقيقيين المسؤولين عما آل إليه حال فلذات أكبادهم.بالتالي لابد أن نعي حجم المسؤولية وأن نكون حريصين على تلقى أطفالنا الذين لم يجاوزوا العام الأول من العمر جرعات التحصين الروتيني كاملة مع الالتزام بمواعيدها المدونة في كرت التطعيم، وكذا الحرص على تطعيم من هم دون الخامسة من العمر أثناء حملات التحصين ضد شلل الأطفال.حيث سنشهد خلال هذه الأيام في الفترة من ( 15 – 17 ديسمبر 2007م) تنفيذ حملة وطنية ضد هذا الداء تستهدف تطعيم جميع الأطفال دون سن الخامسة من العمر، وستكون بالطبع من منزل إلى منزل، شاملة لجميع محافظات الجمهورية، للحاجة الملحة في الوقت الراهن إلى إجراء تحصين ضد شلل الأطفال، خشية أن يعاود المرض تهديده لأطفالنا، لاسيما وأنه لايزال منتشراً في منطقة القرن الأفريقي وبعض دول إقليم شرق البحر المتوسط، بما يستدعي النظر بجدية وعدم التهاون حتى لايجد فيروس المرض بيئة تحتضنه وملاذا يؤويه ليعاود انتشاره في البلاد مجدداً وتهديده لفلذات الأكباد. إننا نهيب بجميع الآباء والأمهات استنهاض الهمم، لا الوقوف مكتوفي الأيدي.. عليهم أن يبادروا إلى تحصين أطفالهم دون سن الخامسة، ولا يجدر بهم التهاون أو النفور أو منع أطفالهم من هذا الحق، حتى لايحصد أولادهم ثمن هذه المواقف الخاطئة. كما لا داعي للخوف من تطعيم الطفل المريض بأي من الأمراض الشائعة، مثل الإسهال الطفيف أو نزلة البرد أو الحصبة، الخ، أو عند إصابته بحمى عادية. والطفل الذي يعاني من الإسهال أيضاً لا يحرم من التطعيم، ويعاود تحصينه مرة أخرى بعد توقف الإسهال مباشرة تعويضاً له عن الجرعة السابقة التي ربما لم يستفد منها، ولضمان فاعلية الجرعة الجديدة وأدائها لدورها الوقائي.وفي حال ظهور أعراض سلبية على الطفل المحصن، فإنها – ليست بسبب اللقاح، بل على الأرجح نتيجة مرض غير متوقع لا علاقة له باللقاح، بل إنه يوفر حماية كاملة لسائر الأطفال دون الخامسة من العمر- وما من مانع – بصرف النظر عن الإصابة بأي من الأمراض الشائعة، مثل الإسهال الطفيف أو نزلة البرد أو الحصبة أو الإصابة بحمى عادية.. الخ. علما بأن الطفل الذي يعاني من الإسهال لايحرم من التطعيم، وإنما يعاود تحصينه مرة ثانية بعد توقف الإسهال مباشرة، تعويضاً له عن الجرعة السابقة التي ربما لم يستفد منها، لضمان فاعلية الجرعة الجديدة وأدائها دورها الوقائي.وفي حال ظهور أعراض سلبية على الطفل المحصن، فإنها ليست بسبب الجرعة، بل هي نتيجة مرض، غير متوقع لا علاقة له باللقاح.ونحن بدورنا مطالبون ببذل كل ما يمكن لنا بذله من جهد لأجل أطفالنا ولنمائهم ونشأتهم أقوياء معافين، والا نركن إلى ما يهدد ويبدد الجهود التي تبذل لحمايتهم من الأمراض وصرف خطرها عنهم.المهم أن يحصل الطفل دون سن الخامسة على جرعات متكررة من اللقاح الفموي من خلال التحصين الروتيني وعند الحملات ليكتسب مناعة كاملة ضد الفيروس المسبب للشلل، و الا فسيظل الفيروس نشطاً وتتبدد الجهود الرامية لاستئصاله والقضاء عليه، لا قدر الله.وكل من يمنع طفله من التحصين خاسر لا محالة، مسقط لمسؤولية ملقاة على عاتقه، مسؤولية سيحس بها كل من أهدرها، عاجلاً أم آجلاً، ولن تنكرها ضمائر من أصيب طفله بهذا الداء المريع.[c1]المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكان بوزارة الصحة العامة والسكان [/c]
أخبار متعلقة