يعاني من غياب المؤلفين وارتفاع أسعار الإعلانات وهروب النجوم
القاهرة / 14أكتوبر / حمدي العويسي :إذا كان مسرح الدولة في مصر استعد لتعويض خسارته في الموسم السنوي بتقديم استعراضات راقصة بدلا عن المسرحيات الكلاسيكية، التي لم تحقق نجاحاً، فإن نقاداً ومسرحيين يتوقعون أن يواجه قطاع المسرح الخاص عدة أزمات بعدما آثرت معظم المسارح إعادة تقديم مسرحياتها التي قدمتها لسنوات طويلة ومنها مسرحية "بودي جارد"، التي رفض الزعيم تصويرها تليفزيونيا استعدادا لعرضها للعام التاسع، الأمر نفسه ينطبق علي مسرحية "برهومة وكلاه البرومة" التي تعرض للسنة الرابعة لأحمد آدم، كما توقفت بعض المسارح عن تقديم العروض ومنها مسرح نجم وفيصل ندا وعتاب ومسرح إمام في مدينة نصر.. ولم تنج من براثن هذه الأزمة سوى مسرحية "مراتي زعيمة عصابة" بطولة سمير غانم ودلال عبدالعزيز وريكو وطلعت زكريا .فيما أرجع منتجون أن سبب أزمة المسرح الخاص يتمثل في ارتفاع تكلفة الإعلانات في الصحف والتليفزيون، وكذلك الأفيشات في الشوارع.. فضلاً عن ارتفاع إيجار المسارح نفسها، كما يشكل عدم وجود قناة فضائية تخدم المسرح كما هو حاصل بالنسبة للسينما والأغاني، ليؤدي إلى زيادة حدة الأزمة.أحمد الإبياري المنتج المسرحي أكد أن المسرح الخاص يعاني من أزمات عدة وهو في حاجة إلي فنان يتقبل الخسارة والمكسب وليس تاجراً هدفه الربح فقط.وفسر المنتج فيصل ندا انهيار المسرح الخاص بهروب مؤلفي المسرح إلى التليفزيون والسينما بسبب ازدهارهما وارتفاع المقابل المادي لهما، مما جعل أزمة المسرح تتفاقم، وقال إن الموسم الشتوي كان يبدأ من شهر أكتوبر ويقدم عروضا كثيرة بينما يبدأ الموسم الصيفي في شهر يوليو، أما الآن اختفى الموسم الشتوي ولا أمل في حل الأزمة في موسم الصيف المقبل فقد غاب الجمهور بسبب الزيادة الرهيبة في عدد القنوات الفضائية، التي سرقت جمهور ونجوم المسرح.ونفى ندا أن تكون مشكلة المسرح اقتصادية، كما يدعي البعض وقال: إن سكان القاهرة يتجاوز عددهم 18 مليون نسمة ولا يعقل أن هذا العدد لا توجد فيه نسية ولو محدودة لديها القدرة المالية علي دفع ثمن تذكرة المسرح.[c1]غياب النجوم [/c]فيما أكد سمير غانم أن الأزمة تكمن في قلة عدد النجوم، الذين يمتلكون رصيداً كبيراً من حب الجمهور، الذي لم ينجذب إلى الاستعراضات والرقصات التافهة، التي تعرضها القنوات الفضائية، وقال إن معظم النجوم يفضلون اللعب في المضمون لذلك أصبحت السينما والتليفزيون اختيارهم الأول فهما لا يستهلكان طاقة ووقت الممثل، كما يفعل المسرح الذي يشترط تواجد النجم يومياً ولساعات طويلة.ورفض غانم القول إن استمرار عرض المسرحية لعدة أعوام لا يمثل إفلاساً مسرحياً إلا أن هذا الاستمرار في العرض لعدة سنوات دليل على نجاح هذا العمل.ويؤكد المنتج عصام إمام علي انهيار المسرح الخاص ويرجع ذلك إلى عدم وجود نصوص جيدة بعد هروب المؤلفين إلي السينما من أجل ارتفاع الأجور والشهرة، وقال: إن المجتمع المصري يمر جميعه بأزمة اقتصادية ربما تكون سبباً في انهياره نافياً أن تكون زيادة عدد القنوات الفضائية تؤثر علي المسرح، وقال: إن المسرح له جمهوره الخاص به ولا يستبدله بأي نوع آخر من الفنون.ولخص المخرج حسن عبدالسلام الأزمة في ارتفاع أجور النجوم وأشار إلى أن بعضهم يشترط الحصول علي نسبة الإيرادات، والتي تصل أحيانا إلى %35 مما يؤثر علي مكسب المنتج الذي يضطر إلى رفع ثمن التذكرة لتعويض هذه النسبة.واتهم د.جلال الشرقاوي وزارة الإعلام بالتآمر علي تدمير المسرح في مصر، وقال: إن تكلفة دقيقة الإعلان في التليفزيون المصري تصل إلى 40 ألف جنيه وتزداد مع كل موسم مسرحي، وذلك لأن وزارة الإعلام تعتبر العمل المسرحي سلعة تجارية وهذا مجاف للحقيقة، فالمسرح خدمة ثقافية للجمهور.وقال هروب مبدعي المسرح إلي السينما والتليفزيون هو جزء من أزمة المسرح، الذي تم تفريغه من المبدعين باستثناء عشاق المسرح، وأيضاً ضعف الإمكانيات المادية، والتي لعبت دوراً كبيراً في عدم الاعتماد علي التكنولوجيا المتقدمة في المسرح، والتي ظهرت في مسارح أوروبا وأمريكا.وأضاف الشرقاوي: أن الأزمة الكبري، التي يتعرض لها المسرح الخاص في الآونة الأخيرة تتمثل في هروب نجوم المسرح الخاص ولجوء أغلبهم إلي مسرح الدولة ومنهم محمد نجم وصبحي أحمد بدير.[c1]أزمات متكررة [/c]ويرجع الفنان المسرحي محمد نجم هجره للمسرح الخاص لما يمر به حالياً من أزمات ظهرت بشكل واضح في الفترة الأخيرة وأصبح العمل فيه مخاطرة كبيرة بسبب ابتعاد الجمهور عنه واتجاهم إلي مسرح الدولة، وقال فضلت المشاركة في عرض مسرحي للبيت الفني، للمسرح طالماً يوفر لي كل الإمكانيات والصلاحيات اللازمة لنجاح العمل وأعود به من جديد لجمهوري بعد ابتعادي عنه بعد ما كنت أسافر بفرقتي إلى الدول العربية كل موسم صيفي لارتفاع الحالة الاقتصادية في هذه الدول.وأكد نجم أن انهيار المسرح الخاص يرجع إلى عدم ظهور فرق مسرحية قوية تستطيع جذب الجمهور مثلما كان يحدث في أوائل التسعينيات، حيث كان هناك أكثر من 20 فرقة مسرحية خاصة.بينما أشار محمد صبحي أنه بعد ابتعاده خمسة أعوام عن المسرح الخاص بسبب الظروف التي واجهته في تقديم عروض على هذا المسرح وقرر أن يتجه إلي تقديم عروض علي مسرح الدولة بعد أن تعرض لخسائر مادية وأدبية جسيمة.ويضيف أحمد بدير أن بوادر الأزمة بدأت منذ سنوات طويلة، ولكنها ظهرت بشكل واضح في الفترة الأخيرة بعد أن تفوقت عروض مسرح الدولة، التي استطاعت بقوة أن تسحب البساط من تحت أقدام المسرح الخاص خاصة بعد نجاح "الملك لير" و "أهلا يا بكوات".وأكد بدير أن قلة عدد المسارح بعد تحويل بعضها إلى دور عرض سينمائي وطالب بدير رجال الأعمال أن يستثمروا أموالهم في مسرح القطاع الخاص، كما يجب علي وزارة الثقافة أن تعتبر المسرح الخاص جزءاً من خريطتها الثقافية حتي يعود إلي عهده السابق.