حكاية نورس
حسام عزاني : لفت نظري بانتقائه الجميل لمداخلاته الفنية الرائعة في المناسبات الثقافية المختلفة وبهدوئه المتواصل وقلة حديثه، وكذا سعة وغزارة ما يختزنه في ذاكرته عن المسرح والدراما وأشياء كثيرة لازمته حياته والتي لا يمكن لجاحد نكرانها مهما وصلت درجة الاختلاف في وجهات النظر وظلت أعماله مع كل الذين اهتموا بهذا الفن تثير مشاعر الإعجاب وتسكن الذاكرة وتيارها الجارف للحجر قبل الحطب . هو ودون منازع نورس مدينة الميناء التواهي الجميلة التي تتناثر وتتشابك أضواء فناراتها عبر شواطئ بحرها الأزرق الجميل لإرشاد السفن العابرة من وإلى المحيط الشاسع المترامي الذي لا رحمة فية لأحد من عوا صفه المتقلبة يوما عن يوم . درس الابتدائية في مدارس الشيخ عثمان ، والإعدادية في (دلالي) التواهي ، والثانوية في العاشر من سبتمبر في المعلا، والتحق بمعهد الفنون الجميلة، وتخرج وساهم مع زملائه في تدعيم بناء فرقة الآمال (المسرح الطليعي)، ممثلاً في البداية ومؤلفاً للمسرح والدراما في تالي السنين المتعبة ، لا ينفث قلمه ويسطر إلا كل ما هو جميل ورائع، وكانت طاهش الحوبان هي نقطة التحول في بداية التسعينات مع المخرج الرائع منصور اغبري، الذي قدم له مع آخرين أعمالاً جميلة أثارت الإعجاب ونالت الاستحسان في معظم المهرجانات الفنية المتلاحقة في الداخل والخارج ، ومن هنا كانت الانطلاقة الأولى للنورس بعد صراع مرير ولسنين طويلة لإثبات الذات. ثم وبعد ذلك التحليق وبثقة مطلقة في رحاب الفن بأجنحة قوية صاحبها الإبداع أينما حلت وكيفما كانت وجهة بوصلتها وحيثما حطت رحالها من تعب السفر المضني . عاش الزمن الجميل خليلاً للرحلة الطويلة برفقة زملاء العمر هاشم و الفقيد المطلق رحمه الله وخاض معهم الطريق الصعب بعثراته وعقباته، بقلب صبور وثقة لا يستهان بها اوصلته في نهاية المطاف إلى مصاف الكبار في هذا الفن الجميل ، وحيث هي الشرائع التي لا ترحم وشر البلية الذي يضحك فيها أحيانا إن ظروف البقاء والوصول إلى القمة غالباً ليس للأفضل ولكن للأقدر، وعلى أمور أخرى بالتحديد وهو طريق للبعض مفروش بالورود ولآخرين بالأشواك . أحب النورس الرصين قلائد المسرح الإغريقي لإسخيلوس وسوفوكليس وقدم الكثير عن هذه الحضارة الخالدة التي ساهمت وبشكل كبير في تدعيم طود هذا الفن في أرجاء كل المعمورة ، منذ ذلك الأزل قبل الميلاد وحتى يومنا هذا،الذي مازلنا فيه نتداول حكايا الزير سالم وبطولاته ، وبالرغم من كل ذلك بقيت إلياذة هوميروس وفلسفة أرسطو تعيش في عصرنا وتتوارثها الأجيال بالتداول وبقوة وحتى الآن، وذلك لأنها ارتبطت بروح الإنسان وإحساسه ومشاعره الراقية، مربط الفرس في حياتنا التي تهفو إلى ذلك، ولجزر اليونان الجميلة المتناثرة في البحر المتوسط،التي يصل عددها حتى الألف مكانة في النفس وذكريات قديمة لا أود اجترارها، حيث مازال طيف المنازل البيضاء بنوافذها الزرقاء المطلة على هضاب تلك الجزر و أعمدة الاكروبلوس الواقفة بكبرياء فوق هضبة جبل أكرا، وسط العاصمة الجميلة أثينا التي يمكن مشاهدتها من كل اتجاه تطارد هواجسي المنسية أحيانا كثيرة، وهناك في ارض الأساطير ستشاهد الآثار وتسمع القصص عن اخيليوس بطل حرب طروادة وملحمة فرسان إسبارطة الثلاثمائة الذين صدوا جيوش الفرس الغازية، ومن كل ذلك وعن قرب تستطيع قراءة وإحساس تاريخ حضارة الإغريق العظيمة . تداولت الأيام بأتراحها على الرصين بلا رحمه وأثقلته هموماً ومواجع متلازمة فوق همومه، لكنها فيما بين الحين والحين ألحقتها بأفراحها أما هو فظل كما هو ينحت في الصخر بهمة لا تلين يواصل فيها بأعماله الجميلة زراعة الابتسامة وإدخال الفرحة إلى قلوب الكثيرين وفي مرات عديدة اجبر الحاضرين على التصفيق وباحترام لفنه الذي كان بعيدا عن الإسفاف، وهي كلمة حق يجب أن ينالها صاحبها وان تقرأ وتكتب وتقال وهذا ما يجب علينا و ما يفترض أن نجبل عليه في هذه الحياة . مازلنا نراوح في نفس المكان و نفاخر بتاريخنا وننسى حاضرنا الذي نهرب منه حتى الآن أما الزمان فله مصفوفة أخرى لا نستطيع إليها سبيلا وسلك أي منحى لأنها تحتكم في متواليتها إلى نظريات أخرى أفسدها الإنسان بيده ونواميسه التي صاغها على الورق ولم يعمل بها ولا نستطيع منها فكاكا، لشدة طلاسمها التي ملأت طرق حياتنا بالمطبات المنتشرة وخلفت الأطلال والركام القابع في كل زاوية.كنت ومازلت احد المتابعين لواحة الدراما التي ترجمها بجمالية وابداع نورسنا الرصين على صفحات أكتوبر بمعية الزملاء الفنان خفيف الظل العباب والفنان الطيب احمد عبدالله حسين وكانت متنفساً جميلا لمن أحب ذلك ومازال يواصلها الآن في (روافد ملحق) أكتوبر الفني ، الوليد، الجديد كما يساهم مع المخرج الإذاعي المتميز سعيد شمسان والمبدع بن منصر في تقديمها إذاعيا مساء كل سبت و عليها يستحقون منا كل التقدير والامتنان . هو الحي الخلف في إدارة مسرح الحصن الأبيض في حافون للفقيد السلف الراحل المطلق رحمه الله، حيث مازال يرعى أزهار حديقة الحصن الجميلة التي تركها الفقيد ،هو وارث كثير من أوجاع المسرح وهمومه يحفظ الأمانة ويواصل عشق التحليق وإدمان المعاناة والتي لو فيها أعاد الزمن دورته لاختار واختط وبروح راضية نفس الطريق .. وتلك هي النفس وغرائزها التي لا ندري إليها طرق أي سبيل . إلى نهاية المطاف وصلنا، إلا إن الرصين مازال يتابع خوض الرحلة التي أحب وعانى من اجلها الكثير وهذا هو قدر النوارس، التي سكن الفن فيهم وتربع ؛ يقتاتون به ولا ينسون أن لهم هناك خلف الشمس دورة أخرى إلى نورس الميناء الرصين اهدي التحية والى أهل التواهي الطيبة نواصل المحبة . وحتى حكاية أخرى نقدم لكل من فاته ذلك سيرته الطويلة و بإيجاز مقتضب:[c1]البطاقة الشخصية[/c] مواليد 25/ديسمبر/1959مممثل ومؤلف مسرحي ودراميالتحق في فرقة المسرح الطليعي عام 1977مدرس في معهد جميل غانم للفنون الجميلة 1978م – 1980م[c1]الأعمال الفنية[/c]نجران تحت الصفر / إدارة شئون الزير / اوديب ملكاً / نادي العباقرة / الزنزانة / فرفوش سارح مروح . مكتب خدمة المواطن / مشروع الشمس والقمر / تفسير العقول / الصحفي الإخطبوط / طاهش الحوبان / موقعة العصيدة / المزاد / حروب على الهواء / عودة عطيل / الوهم / جنان حالم / حروف أوراق رسمية / أبو ذيلة / طاهش الحوبان / وتكسرت الأمواج/ المنحوس / الدنيا تشتي مسايره / اللقاء والفراق / ثلاثية سهيل اليماني في الإعداد / مسلسل ـ وتكسرت الأمواج / تمثيلية – المدمن / شارع الزعفران .