نبض القلم
إن ما وقع من إساءات, وتطاول وانتقاص لسيد لبشرية محمد صلى الله عليه وسلم في بعض الصحف الدنماركية إنما هو استهانة بمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في العالم, وفي ذلك إظهار لحالات العداء للإسلام والمسلمين من قبل أعداء هذه الأمة.والسبب أنهم يخافون انتشار الإسلام في أوروبا, بعد أن كثر عدد المسلمين في تلك البلدان, فهم يرون أن الإسلام يمثل تهديداً على المستويين المحلي والعالمي, لذا فإنهم يبتكرون وسائل شتى لتشويه الإسلام ورموزه, ويتعمدون إظهار الإسلام بصورة غير الصورة الناصعة التي هو عليها, لغرض تنفير شعوبهم من الإسلام والمسلمين, ولما فشلوا لم يبق أمامهم سوى النيل من مقام محمد صلى الله عليه وسلم.ولا يخفى أن أعداء الإسلام صاروا يخافون من انتشاره في مجتمعاتهم, وأضحى يغيظهم حب المسلمين لنبيهم, ويستاؤون حين يرون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم مغروسة في قلوب المسلمين, وهو ما دفع بعض المفكرين والساسة الغربيين إلى وصم الإسلام بكل نقيصه, وأصبح الانتساب إلى الإسلام يمثل جرماً في كثير من الدول الغربية, خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م وقد انتحل هؤلاء مصطلح (إسلاموفوبيا) الذي يعني الفزع من الإسلام أو كرهه والخوف منه, وكره المسلمين عموماً.وقد تعمدت بعض وسائل الإعلام الغربية تشويه الإسلام والمسلمين, ومن ذلك ما نشرته صحيفة (تود اي) البريطانية في صفحتها الأولى في اليوم الثاني من انفجار أوكلاهوما المروع عام 1996م, حيث نشرت صورة لأحد رجال الإطفاء الأمريكيين وهو يحمل طفلاً ميتاً من تحت الأنقاض, وكتبت تحت الصورة (باسم الإسلام) لتستقر تلك الصورة في ذهن القارئ مقرونة بالكراهية للإسلام.وليس الأوروبيون وحدهم الذين أساؤوا إلى الإسلام وانتقصوا من نبيه, بل إن المسلمين أنفسهم أساؤوا إلى الإسلام بجهلهم بالإسلام وأحكامه, سواء أكانوا مقيمين في أوطانهم الإسلامية أم مقيمين في أوروبا, وهو ما جعل بعض الجهات الغربية الحاقدة تتبنى أصواتاً تدعي الإسلام, في حين أنها تسيء إليه, تتبنى أشخاصاً متزمتين أو متطرفين يصورون الإسلام على أنه جملة من المحظورات والمحرمات, فيبدو الإسلام منفراً لدى من لا يعرف حقيقته وجوهره.وتتعمد وسائل الإعلام الغربية تسليط الأضواء على بعض المسلمين الذين يسيئون إلى دينهم بالسلوك أو الكتابة أو نحوها, وحرصت تلك الوسائل أو الأجهزة على تقديم هؤلاء على أنهم مسلمون, وتستشهد بأفعالهم هذه فيما يراد إلصاقه بالإسلام, فتغيب بذلك مفاهيم الإسلام الصحيحة عن الآخرين.وقد أدى ذلك إلى أن يلصقوا كل نقيصة وكل عيب بالمسلمين, وصار أي حادث عنف يحصل في أي بلد في العالم يصورونه على أنه إسلامي, وأن وراء تنفيذه مسلمين, ويضاف إلى ذلك قصور الإعلام العربي, الإسلامي, وضعف الخطاب الإسلامي الموجه للغرب, وعدم نجاح الإعلام العربي الإسلامي في مخاطبة الغرب بلغاتهم, فتم تصوير الإسلام في الغرب بحسب ما يريده أعداؤه الحاقدون عليه, في حين تجاهلوا أطروحات بعض الكتاب المنصفين, إلى جانب غياب إسهامات السفارات عن القيام بدورها المنوط بها في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب.وعليه, فإنه من واجبنا العمل على مواجهة هذه النظرة السلبية التي علقت بالإسلام والمسلمين, وبذل ما في وسعنا لرد الهجمة الشرسة التي استهدفت الإساءة إلى الإسلام والمسلمين, وتشويه صورة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم, لا بالاستنكار والشجب وحده, ولا بمقاطعة البضائع الدنماركية فقط, وإنما ببذل كل ما في وسعنا لإيصال صوت الحق إلى شعوب تلك البلدان التي ربما تجهل الإسلام ولا تعرف مكانة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة لنا.علينا واجب تحسين صورة العربي المسلم في وسائل إعلامنا المحلية والموجهة للغرب, وذلك يقتضي إعادة النظر في كل ما يقدم في وسائل الإعلام, والتفريق بين ما يقدم للجمهور العربي والجمهور الغربي, مع مراعاة الجودة والدقة في المواد الإعلامية, والحرص على إبراز السلوك الذي يمثل قيم الإسلام ومبادئه, والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً.[c1] إمام وخطيب جامع الهاشمي - الشيخ عثمان[/c]