فيما غيوم الجهاد العراقي تخيم على لبنان
نهر البارد (لبنان) / 14 أكتوبر / رويترز :اتهم لبنان أمس الأربعاء 20 عنصرا من فتح الإسلام بالإرهاب بينما اشتبك الجيش اللبناني مع مقاتلين من الجماعة المسلحة في مخيم فلسطيني في شمال لبنان لليوم الحادي عشر على التوالي.وقالت مصادر قضائية ان التهم التي وجهت الى 19 لبنانيا وسوريا واحداً - وجميعهم في السجن - يمكن أن تصل عقوبتها الى الإعدام وأنها مرتبطة بالقتال حول مخيم نهر البارد الذي أدى الى سقوط 79 قتيلا هم 34 جنديا و27 مقاتلا و18 مدنيا. وتتهم السلطات اللبنانية الجماعة ببدء القتال عندما هاجمت مواقع الجيش حول المخيم وقرب مدينة طرابلس في شمال البلاد يوم 20 مايو.ويعد هذا الاقتتال الأسوأ في لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 وهو لا يزال مستمرا على نحو متقطع.وقال شهود ان الجانبين تبادلا إطلاق القذائف المدفعية وقذائف المورتر لساعات خلال الليل في اشد قتال في أسبوع لكن الاشتباكات خفت في ساعات الصباح.وتطالب الحكومة اللبنانية المسلحين بالاستسلام. وتقول فتح الإسلام أنها تدافع عن نفسها وترفض تسليم أي من مقاتليها.ويمنع اتفاق عربي أبرم في عام 1969 الجيش من دخول 12 مخيما فلسطينيا في لبنان تضم 400 ألف لاجئ.وأعطت الحكومة للزعماء الفلسطينيين في لبنان فرصة لإيجاد مخرج من الأزمة خشية أن يعتبر الفلسطينيون المزيد من إجراءات الجيش في المخيم هجوما عليهم.ونزح أكثر من 25 ألف لأجيء من المخيم الذي يقطنه نحو 40 ألف فلسطيني. وغادر معظم اللاجئين النازحين الى مخيم البداوي المجاور حيث تعمل المنظمات تعمل على إغاثتهم.وقال شهود ان المزيد من الإمدادات الغذائية والطبية والمياه أرسلت الى نهر البارد حيث يعيش الذين بقوا به دون كهرباء أو ماء.وهونت الحكومة في الأيام الأخيرة من شأن فكرة الخيار العسكري الحاسم لإنهاء المواجهة إذ قد يثير ذلك عنفا في مخيمات أخرى حتى وان كانت جماعة فتح الإسلام لا تلقى تأييدا كبيرا بين الفلسطينيين.ووصف اعضاء في الحكومة اللبنانية فتح الإسلام بانها أداة في يد المخابرات السورية لكن دمشق تنفي أي علاقة لها بهذه الجماعة.وتقول السلطات اللبنانية ان فتح الإسلام تضم عربا من السعودية والجزائر وتونس وسوريا ولبنان.في غضون ذلك تعتقد مصادر سياسية فلسطينية أن المتشددين الذين يقاتلون الجيش اللبناني في شمال لبنان كانوا إما في طريقهم الى العراق أو منه في مؤشر على أن ظلال الجماعات السنية المتشددة هناك بدأت تسقط على البلدان العربية المجاورة.وقال مصدر فلسطيني في لبنان ان كثيرا من أعضاء جماعة فتح الإسلام المتشددة قد أتوا أصلا الى لبنان للتدرب من أجل الذهاب الى العراق وهو الجبهة الرئيسية لتنظيم القاعدة في معركته مع الولايات المتحدة. وخاض بعضهم بالفعل معارك هناك.ورغم أن العراق لا يزال الوجهة المفضلة للمتشددين إلا أن خبراء في شأن تنظيم القاعدة يقولون ان الجماعة ربما تكون ترسل مقاتلين خارج العراق لفتح جبهات جديدة.ويثير هذا الاحتمال قلق البلدان العربية التي خاضت في التسعينات معارك ضد جماعات إسلامية متشددة دعمها عودة المجاهدين العرب من أفغانستان. وسارعت الحكومات العربية الى إرسال مساعدات عسكرية للبنان بعد اندلاع القتال مع الجماعة في 20 مايو.وقال منتصر الزيات الذي كتب سيرة الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري "من حيث منهج القاعدة هي تحاول فتح جبهات في عدة أماكن."وأضاف "ستفرخ من خلال العراق سرايا تذهب هنا وهناك."وتربط جماعة فتح الإسلام التي تقيم في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان نفسها بفكر القاعدة رغم أنها تنفي أي صلة تنظيمية لها بالتنظيم.وقدر مصدر سياسي لبناني عدد مقاتلي فتح الإسلام بما لا يقل عن 300 بينهم نحو 75 سعوديا..وقال سفير السعودية لدى بيروت ان أربعة سعوديين على الأقل كانوا ضمن 27 متشددا قتلوا خلال المعارك مع الجيش اللبناني.وقالت مصادر فلسطينية ان بعض المتشددين ذهبوا الى لبنان للتدرب في قواعد جماعة فتح الانتفاضة وهي فصيل فلسطيني. غير أن الأجانب تغلبوا سريعا على مضيفيهم وسيطروا على قاعدتهم الرئيسية في مخيم نهر البارد.ومخيم نهر البارد جيب خارج سيطرة الدولة اللبنانية مثل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في البلاد البالغ عددها 11 مخيما.وكون المخيمات خارج نطاق سيطرة الجيش اللبناني يوضح جزئيا سبب اختيار المتشددين للبنان كقاعدة جديدة لهم.وقال ياسر السري وهو إسلامي يقيم في لندن ومحكوم عليه بالإعدام في مصر "طبيعة الوضع الأمني في لبنان تساعد على ذلك . هناك خلل امني. الدولة نفسها فيها خلل نظامي يساعد على ذلك. القبضة الأمنية ليست بالشديدة."وقال الزيات ان القاعدة تهدف الى "فتح مركز" في لبنان لبعض الوقت. وتابع "ربما يكون في الأهداف الإستراتيجية الأساسية الوصول الى أهداف إسرائيلية أمريكية."وكان زعيم فتح الإسلام قد أعلن الأسبوع الماضي أن جماعته ستقاتل اليهود والأمريكيين.وقال ضياء رشوان الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والذي يقيم في القاهرة ان لبنان أيضا "مسرح نموذجي" بسبب وجود أكثر من 13 ألفا من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الى جانب عدد كبير من السكان من المسيحيين والشيعة.وأردف يقول "نحن نواجه مشكلة حقيقية في العالم العربي- إنها ظاهرة العراق." وبدأ فكر ومنهج تنظيم القاعدة وربما عدد كبير من مقاتليه في الانتقال الى خارج العراق.ولا يزال العراق ساحة المعركة المفضلة للمتشددين حتى إذا كان لبنان يتيح لهم الفرصة لضرب إسرائيل والشيعة.وقال السري "حتى الآن الناس تريد ان تذهب الى العراق بسبب ما يعرف بالعدو الأساسي" في إشارة الى الولايات المتحدة "لكن الخروج ليس من أولويات الموجودين في الوقت الراهن."غير أن رشوان قال ان اندلاع العنف في لبنان قد يشير الى أن المتشددين يواجهون صعوبة في الذهاب الى العراق عبر سوريا التي تتعرض لضغوط أمريكية لوقف ما تصفه واشنطن بتدفق المقاتلين الأجانب على العراق.وأضاف "هذا يعني أن هناك إجراءات أمنية تمنع الكثيرين منهم من الذهاب الى هناك لأنه إذا أتيح لهم الخيار.. فسيفضلون الذهاب الى العراق."