الجيش يدعو إلى اتفاق لإنهاء الأزمة السياسية
بيروت /14 أكتوبر/ نديم لادقي : دعا الجيش اللبناني في تشييع احد كبار ضباطه أمس الجمعة الزعماء السياسيين في لبنان إلى نبذ خلافاتهم والوصول إلى اتفاق لإنهاء الأزمة السياسية. وأدى انفجار سيارة ملغومة في ضاحية مسيحية في بيروت يوم الأربعاء إلى اغتيال العميد الركن فرانسوا الحاج وهو الضحية التاسعة في سلسلة من حوادث الاغتيالات وهو أيضا أول ضابط بالجيش يقتل في حين استهدفت الهجمات السابقة شخصيات من تيار الأغلبية النيابية. والحاج الذي كانت تربطه علاقات جيدة مع حلفاء سوريا في لبنان بما فيهم حزب الله كان يتقدم المرشحين لتولي قيادة الجيش حين ينتخب قائد الجيش الحالي العماد ميشال سليمان رئيسا في الأسبوع المقبل. وقال رئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري في كلمة ألقاها باسم قيادة الجيش في تشييع الحاج في كنيسة بازيليك سيدة لبنان في شمال بيروت "إننا باسم دمك الغالي ندعو الجميع إلى اتخاذ موقف تاريخي شجاع يفضي إلى بناء جسور الثقة والتواصل بين الأطراف والمسارعة إلى تحقيق المصالحة والوفاق من دون شروط أو مساومات أو قيود." وأضاف "المصالحة والوفاق لا يتوقفان على موازين القوى والتجاذبات السياسية فسيل دماء الشهداء يستحق منا التضحية والتنازل عن كل ذلك على ان تكون الثقة المتبادلة هي الضمانة الأساسية والوحيدة لجميع الفرقاء." ومضى يقول "رسائل الدم هذه لا تستهدف الجيش فحسب بل تستهدف الكيان برمته والرد عليها يكون بالابتعاد عن الكيدية والأحقاد والحسابات الضيقة وبالتالي التلاقي على القواسم المشتركة ففي اتحادنا نكسب القوة ونستطيع تحقيق المستحيل." وأكد المصري ان مؤسسة الجيش "لن يغمض لها جفن قبل توقيف القتلة والاقتصاص منهم.. دماؤك لن تذهب هدرا." وأقفلت المدارس والمصارف والمؤسسات العامة في أنحاء البلاد حيث أعلنت الحكومة الجمعة يوم حداد وطني ورسمي مع تنكيس الإعلام. وزاد اغتيال الحاج من التوترات في لبنان حيث أدى الخلاف بين الزعماء المتنافسين إلى فراغ مقعد الرئاسة وفاقم من أسوأ أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي استمرت بين عامي 1975 و1990. وبعد أسابيع من الخلافات بين الفرقاء المناهضين والمؤيدين لسوريا وافق الجانبان على ترشيح سليمان لموقع الرئاسة الذي بات شاغرا منذ مغادرة الرئيس السابق إميل لحود القصر الجمهوري في الثالث والعشرين من نوفمبر. لكن الخلافات المستمرة حول التفاصيل دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تأجيل الانتخاب للمرة الثامنة حتى 17 ديسمبر لإعطاء مزيد من الوقت للاتفاق على كيفية تعديل الدستور للسماح لموظف دولة بأن يصبح رئيسا للبلاد. وأحرز تقدم محدود مما دفع العديد من السياسيين إلى الدعوة إلى اتفاق سريع لانتخاب سليمان. وقال النائب ميشال موسى لإذاعة صوت لبنان "إننا نمر في مرحلة إرباك سياسي كبير" معربا عن أمله بعد انتهاء مراسم التشييع "ان يستفيق جميع الفرقاء من الصدمة ويعوا خطورة ما يجري من استهداف لمؤسسات الوطن والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية". ووصل جثمان قائد عمليات الجيش في نعش ملفوف بعلم لبنان وسط موكب المشيعين إلى بازيليك سيدة لبنان في حريصا وعلا التصفيق داخل قاعة الكنيسة ونثرت الورود لدى وصول الجثمان الذي حمله ضباط على وقع الموسيقى العسكرية. وكان من ابرز المشاركين في تشييع الجنازة الزعيم المسيحي المعارض ميشال عون وممثلون عن حزب الله والزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس اللجنة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع المؤيد للحكومة. وتقبل سليمان وكبار قيادات الجيش التعازي في الكنيسة فيما بدأ جثمان الحاج رحلته إلى بلدته رميش في جنوب لبنان والتي تستغرق أكثر من ساعتين. وفيما لم يتهم الرئيس الأمريكي جورج بوش أحداً علانية بالاغتيال حذر دمشق من التدخل في شؤون لبنان ووصف الحاج بأنه "معارض للتدخل في شؤون لبنان الداخلية". وطلب لبنان من الأمم المتحدة المساعدة في التحقيق في اغتيال الحاج. وتجري لجنة الأمم المتحدة تحقيقات بشأن اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري وسياسيين آخرين. وقريبا سوف تعطي لجنة التحقيق نتائجها لمحكمة خاصة في هولندا.